إسرائيل تخوض معركتها القصيرة… وإيران تراهن على الصمود الطويل بين الرهانات السريعة والحروب النفسية الطويلة… من يتحمّل لهيب الشرق الأوسط؟

هيئة التحرير16 يونيو 2025آخر تحديث :
إسرائيل تخوض معركتها القصيرة… وإيران تراهن على الصمود الطويل بين الرهانات السريعة والحروب النفسية الطويلة… من يتحمّل لهيب الشرق الأوسط؟

 

بقلم : ثامر الشمري

في قلب صراع لا يرحم، تقف دولتان على طرفي نقيض: إسرائيل بسلاحها المتطور، وإيران بصبرها الطويل. الأولى تراهن على الضربات السريعة، اغتيال القادة وشلّ القيادة؛ والثانية تبني استراتيجيتها على استنزاف الزمن وتوسيع الجبهة. لكن أيّهما يملك قدرة الصمود حين تطول الحرب وتتكسر السيناريوهات المختصرة؟

الجغرافيا والديموغرافيا: معركة الأرقام
• إيران: بمساحة تبلغ حوالي 1.648 مليون كم²، وسكان يتجاوزون 88 مليون نسمة، تشكّل ما يشبه القارة الآسيوية الصغيرة.
• إسرائيل: لا تتجاوز 22 ألف كم²، وعدد سكانها يناهز 9 ملايين نسمة.

التحليل: التفوق الجغرافي والديموغرافي يمنح إيران قدرة أكبر على امتصاص الضربات وتوزيعها على نطاق جغرافي أوسع دون الانهيار السريع.


استراتيجيات القتال: عقيدة الفرد مقابل مؤسسات العقيدة

إسرائيل:

تعتمد على التفوق العسكري النوعي، وتركّز على سياسة “قطع الرأس” باغتيال قادة بارزين. هذه الاستراتيجية ظهرت بشكل علني في عام 2024 حين قامت إسرائيل باغتيال أبرز رموز حزب الله، وفي مقدمتهم:
• حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، استُشهد في 27 سبتمبر 2024 إثر ضربة جوية دقيقة في الضاحية الجنوبية.
• علي كراكي، قائد الجبهة الجنوبية، استُشهد في الضربة نفسها.
• إبراهيم عقيل، أحمد وهبي، فؤاد شكر، هاشم صفيد الدين وغيرهم من قادة الصف الأول اغتيلوا بين يونيو وأكتوبر 2024 في سلسلة ضربات منسقة.

لكن رغم ما بدا “إنجازًا تكتيكيًا”، لم يسقط الحزب، بل أعاد تشكيل قيادته، ما كشف محدودية الرهان الإسرائيلي على إرباك القيادة عبر الاغتيالات.

إيران:

من جهتها، تبني عقيدتها العسكرية على “المرونة المؤسسية” وليس على مركزية القائد الفرد. فالمؤسسات، من الحرس الثوري إلى الأمن القومي، تعمل باستقلالية نسبية وضمن استراتيجيات مترابطة زمنياً (قصيرة، متوسطة، وطويلة الأمد).

ضرب الرموز أم ضرب البنى؟
• إسرائيل تستهدف الرأس: اغتيال القادة والعقول النووية.
• إيران تستهدف الجسد: المنشآت، البنى الاقتصادية، البنية التحتية، وبعض المواقع المدنية.

المفارقة: إسرائيل ترى أن “ضربة الرأس تُسقط الجسد”، بينما إيران تؤمن أن “نزف الجسد يُرهق الرأس حتى السقوط”.

من يتحمّل أكثر؟ سؤال الاقتصاد والسياسة

إيران:

رغم العقوبات، تأقلمت على الصمود الاقتصادي. برامجها العسكرية والبُنى التحتية الدفاعية أُعيد تشكيلها لتتحمّل طول الأزمات.

إسرائيل:

اقتصادها متطور لكنه هش أمام الحروب الطويلة، حيث يتضرر الاستثمار، ويزداد الضغط الشعبي والسياسي، خصوصًا مع استمرار الإخلاء، وتعطيل المرافق، وتراجع السياحة.

رهان الوقت: “هجمة سريعة” أم “نزيف طويل”؟

إسرائيل تصوّرت أن معركتها ستكون خاطفة: اغتيال نصرالله وقادة الحزب → فراغ في القيادة → انهيار.
لكن الواقع خالف التوقعات. ورغم تصفية أبرز القيادات في خريف 2024، إلا أن حزب الله لم ينهَر، بل جمّد العمليات مؤقتًا ليعيد الانتشار، تمامًا كما درّبته العقيدة الإيرانية.

إيران لم تبنِ فقط جيشًا… بل كوّنت مدرسة قتال قائمة على “البقاء في الزمن”، حتى ولو سقط الرأس.

عندما تفشل الخطط القصيرة أمام نفسٍ طويل

اغتيال نصرالله ورفاقه لم يُنهِ حزب الله. بل كشف أن التنظيم مبني على أساس مؤسساتي وليس رمزي.
إسرائيل أرادت الحسم عبر تكتيك الإرباك السريع، لكن الحرب المفتوحة لا تُدار بتكتيك فقط، بل بحاجة لاستراتيجية تحمل وزن الزمن.

الحقيقة الجيوسياسية اليوم:
• إسرائيل قد تربح معركة عسكرية قصيرة.
• إيران قد تربح حربًا طويلة تُنهك العدو اقتصاديًا، نفسيًا، وسياسيًا.

وإن طال الصراع، فإن “الزمن” سيكون حليف إيران… وعدو إسرائيل

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق