الإعلام بين النقل والتضليل

حسين صادق2 سبتمبر 2025آخر تحديث :
الإعلام بين النقل والتضليل

الإعلام بين النقل والتضليل

 

وسن زيدان

 

في الأساس، وظيفة الصحفي وخصوصا مقدمي البرامج، هي جمع الأخبار والمعلومات من مختلف الجوانب، ونقلها بموضوعية عبر وسائل الإعلام بهدف إعلام وتثقيف الجمهور وإطلاع الرأي العام، أي أنه (مجرد ناقل للحدث) لا أكثر. الصحفي ليس قاضياً ولا خصماً، بل وسيط بين الحقيقة والمتلقي، يضع الوقائع أمام الناس ويترك لهم مساحة التفكير وإصدار الحكم.

 

لكن ما نشهده مؤخرا في الساحة الإعلامية العراقية، خصوصا في البرامج السياسية والرياضية، يثير القلق. فقد تحول بعض مقدمي البرامج من ناقلين للحدث إلى متبنين لآراء شخصية، بل وأحيانا قضاة يوزعون الأحكام ويشخصنون النقاشات. والأخطر من ذلك أن بعضهم تجاوز أبسط أخلاقيات المهنة، وانزلق إلى الابتزاز الإعلامي والترويج لأجندات طائفية أو حزبية أو حتى شخصية، في انسجام تام مع توجهات القناة أو الممول. هذا الانحراف لا يمس فقط سمعة الإعلام، بل يهدد النسيج الاجتماعي ويضعف ثقة الجمهور بما يُعرض أمامه.

 

إذن، لا يمكن أن يبقى الإعلام العراقي ساحة سائبة بلا رقيب ولا حسيب، ولا يجوز أن يتحول بعض مقدمي البرامج إلى أدوات ضغط أو أبواق تابعة لهذا الطرف أو ذاك. فالمجتمع بحاجة إلى إعلام حر ومسؤول، يعكس هموم الناس ويطرح قضاياهم بموضوعية، لا إلى منابر تشعل الفتن وتغذي الانقسامات. إن وضع ميثاق شرف إعلامي صارم، وتفعيل الضوابط العقابية بحق كل من يسيء استخدام المهنة، أصبح ضرورة وطنية وأخلاقية. الإعلام ركيزة أساسية لبناء الديمقراطية وترسيخ ثقافة الحوار، وحين ينحرف عن مساره يفقد قيمته ودوره. لذلك فإن العودة إلى المهنية والالتزام بالحياد ليس خياراً ثانوياً ، بل واجب لحماية المجتمع وصون سمعة الإعلام، ولإعادة الثقة المفقودة بين المواطن والشاشة. الإعلام في جوهره صوت الحق، ومن يخذله يخون رسالته قبل أن يخون جمهوره.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق