تحديد عدد زوار الأربعينية – قراءة نفسية، قانونية، وإحصائية
1. المدخل النفسي:
من الناحية النفسية، التشكيك في الأرقام الكبيرة عادة ينبع من:
• التحيز المعرفي:
بعض الأفراد يميلون لتصديق ما يتوافق مع قناعاتهم المسبقة، فإذا كانوا لا يتصورون إمكانية حضور ملايين الزوار، فإنهم يميلون للرفض التلقائي.
• التقليل من الإنجاز:
هناك من يشعر بالتهديد النفسي أمام حدث جماهيري ضخم، فيحاول التقليل من شأنه للتقليل من الأثر المعنوي.
• حرب الرواية:
الأرقام الضخمة لها قيمة رمزية وسياسية ودينية، فيحاول الخصوم التشكيك بها لتقليل هذا البعد الرمزي.
لذلك، عرض المنهج العلمي لاحتساب الأعداد يساعد على طمأنة الجمهور وإغلاق باب التشكيك.
2. الآلية العلمية لاحتساب عدد الزوار:
المؤسسات المعنية – مثل العتبتين الحسينية والعباسية ودوائر الدولة – تعتمد على مزيج من الإحصاء الميداني والتحليل الرقمي، ومن أبرز الطرق:
1. نقاط العد الثابتة:
• نصب بوابات إلكترونية أو يدوية على المداخل الرئيسة لمدينة كربلاء.
• كل زائر يمر من البوابة يُحسب تلقائيًا (كما في أنظمة الملاعب والمطارات).
2. العد بالكاميرات والذكاء الاصطناعي
• كاميرات مراقبة عالية الدقة موزعة في مداخل المدينة والمسارات الرئيسة.
• برامج ذكاء اصطناعي تعدّ الأفراد وتحلل الكثافة البشرية بدقة زمنية ومكانية.
3. الإحصاء الميداني عبر الفرق التطوعية
• تقسيم الطرق إلى قطاعات.
• كل فريق يسجّل عدد المارة خلال فترات زمنية معينة، ثم يتم التوسيع الإحصائي (Extrapolation) لحساب المجموع الكلي.
4. تحليل بيانات النقل والإيواء
• تسجيل أعداد الحافلات، القطارات، السيارات، والفنادق والمواكب.
• ضرب متوسط عدد الركاب في عدد وسائل النقل للحصول على تقديرات داعمة.
5. المطابقة بين أكثر من مصدر
• مقارنة نتائج العد المباشر، وتحليل النقل، وبيانات الاتصالات (عدد الشرائح الفعالة مؤقتًا في كربلاء) للوصول إلى رقم تقاطعي مؤكد.
3. الإطار القانوني:
• حرية ممارسة الشعائر مكفولة في الدستور العراقي (المادة 43)، وبالتالي توثيق أعداد الزوار ليس إجراءً سياسياً بل حق ديني وثقافي.
• المؤسسات التي تعلن الأرقام – كـ العتبة العباسية – تعتبر جهات رسمية أو شبه رسمية، وأرقامها تخضع للمساءلة، مما يعزز المصداقية.
• أي تشويه متعمد أو نشر معلومات كاذبة بهدف إثارة الفتنة قد يندرج تحت المسؤولية الجزائية وفق قانون العقوبات العراقي (المواد المتعلقة بنشر الأخبار الكاذبة).
4. الضمانات ضد التشكيك :
• شفافية المنهج:
نشر خطوات العد بالتفصيل يرفع الثقة ويغلق الباب أمام الادعاءات.
• التقاطع الإحصائي:
عند تطابق الأرقام من مصادر مستقلة (الأمن، العتبات، النقل، الاتصالات)، تقل احتمالية الخطأ أو التلاعب.
• المقارنة التاريخية:
متابعة تطور الأعداد على مدى سنوات مع نسب الزيادة يعطي مصداقية للرقم الحالي.
• المعايير الدولية:
تطبيق تقنيات العد المتبعة في أحداث عالمية كـ الحج في مكة أو الماراثونات الدولية.
5. الرد على المشككين:
• إذا اعترض شخص بأن الرقم مبالغ فيه، يمكن الرد بأن الطرق العلمية المستخدمة قابلة للتحقق، وأن الأرقام تأتي من أكثر من مصدر رسمي، وأن هذه الأعداد منطقية مقارنة بالتجارب المماثلة (مثل أكثر من 2 مليون حاج في مكة في مساحة أصغر بكثير من كربلاء).
• التشكيك دون تقديم منهج بديل مدعوم بالبيانات ليس حجة علمية، بل موقف شخصي غير موثق.
مستخلصنا النفسي والقانوني والاحصائي:
تحديد عدد زوار الأربعينية يتم عبر مزيج من العد المباشر، التحليل الرقمي، والمطابقة بين مصادر بيانات متعددة، وهي منهجيات علمية معروفة عالميًا. الشفافية في عرض هذه الآلية، إلى جانب التوثيق القانوني، يقطع الطريق أمام التشكيك المتعمد أو التضليل الإعلامي، ويحول الأرقام من مجرد تقديرات إلى شهادة تاريخية موثوقة .
سالم حواس الساعدي
مستشار قانوني واعلامي
تخصص دقيق عمليات وحرب نفسية