زيارة الاربعينية ملتقى عالمي

هيئة التحرير14 أغسطس 2025آخر تحديث :
زيارة الاربعينية ملتقى عالمي

بقلم: سالم حواس الساعدي **

رفع الأعلام الأجنبية في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام… قراءة نفسية وقانونية ودستورية وأمنية

في مواسم الزيارة الأربعينية، تتحول كربلاء والطرق المؤدية إليها إلى ملتقى عالمي لملايين الزائرين من مختلف الجنسيات، يجتمعون على حب الإمام الحسين عليه السلام وأخيه أبي الفضل العباس، حاملين مشاعرهم وهوياتهم ورموزهم الوطنية.

ومن بين هذه المظاهر، رفع الأعلام الخاصة ببلدانهم، ومنها العلم الإيراني وغيره، وهو أمر يثير بين الحين والآخر نقاشات في الشارع العراقي.

أولاً – البعد النفسي والاجتماعي:
رفع الزائر لعلم بلده في هذه المناسبة هو سلوك تعبيري عن الانتماء والهوية، وليس تحدياً أو استفزازاً، تماماً كما يفعل جمهور كرة القدم الذي يرفع أعلامه في الملاعب خلال البطولات الدولية، أو كما يرفع المشجعون أعلامهم في أي تظاهرة ثقافية أو رياضية.
من الناحية النفسية، هذه الممارسة تُشعر الزائر بالأمان والاعتراف بوجوده، وتخلق بيئة ترحيبية تعزز الروابط بين الشعوب.

ثانياً – الإطار القانوني والدستوري:
لا يوجد في القوانين العراقية نص يمنع رفع أعلام الدول الصديقة أو المشاركة في الفعاليات الدينية والثقافية، ما دام ذلك لا يتضمن إساءة لسيادة العراق أو رموزه.
بل إن المادة (38) من الدستور العراقي تكفل حرية التعبير بالوسائل المختلفة، بشرط عدم المساس بالنظام العام والآداب.
كما أن الأعراف الدولية تسمح للوفود والزوار برفع أعلامهم في المناسبات العامة، طالما أنها لا تحمل رسائل سياسية معادية أو دعوات عنف.

ثالثاً – البعد الأمني:
من منظور أمني، رفع الأعلام الأجنبية في الفعاليات المليونية لا يشكل تهديداً بحد ذاته، لكنه قد يُستغل من قبل جهات مغرضة لإثارة الفتن أو التوترات. وهنا يأتي دور وزارة الداخلية ووزارة الدفاع في تدريب منتسبيها وتوعيتهم بالقوانين والأعراف الدبلوماسية، حتى يتعاملوا مع هذه المظاهر بمهنية عالية، ويتجنبوا أي ردود فعل غير محسوبة قد تسبب إشكالات مع الدول المشاركة أو الجاليات الزائرة.

رابعاً – الرسالة الوطنية:
العراق، الذي يستضيف ملايين الزائرين سنوياً، يرسل للعالم رسالة حضارية:
أنه بلد مفتوح ومنفتح ومتسامح، يحترم ضيوفه ويصون كرامتهم، ويعاملهم وفق القوانين والاتفاقيات الدولية. ومن واجب المؤسسات الأمنية أن تعكس هذه الصورة أمام الزوار، تماماً كما تفعل الأجهزة الأمنية في البطولات الرياضية الدولية، حيث يُسمح للجماهير برفع أعلامهم حتى انتهاء الفعالية.

مستخلص قانوني ودستوري :
:
رفع الأعلام الأجنبية في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام هو ممارسة مشروعة قانونياً ودستورياً، ومقبولة عرفياً، ومؤطرة بضوابط أمنية. ولضمان أن تبقى هذه الممارسة في إطارها الإيجابي، يجب على وزارتي الداخلية والدفاع الاستمرار في توعية كوادرهما بالقوانين والأعراف، بما يحفظ هيبة الدولة ويحترم ضيوفها، ويعكس صورة العراق كبلد مضياف وآمن.

من المؤسف أن البعض ينصّب نفسه وصيًا على الوطنية، فيزايد على غيره، ويعتبر أن منع الزوار الأجانب من رفع أعلام بلدانهم دليل على حماية السيادة، بل هو تصرف مخالف للسيادة ،و مخالف للقوانين والأعراف الدولية، بل وقد يعرّض صاحبه للمساءلة.

فالقوانين العراقية، ومنها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، تجرّم أي فعل يتضمن الإهانة أو الإضرار بعلاقات العراق مع الدول الأخرى .
كما أن الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق تُلزم باحترام رموز وحقوق الجاليات والزوار الأجانب أثناء وجودهم في البلاد.

وبالتالي، فإن أي شخص يتعدى على ضيف أجنبي أو يمنعه من ممارسة حق مشروع كرفع علم بلده في مناسبة سلمية، قد يقع تحت طائلة القانون ويواجه عقوبات تصل إلى الحبس أو الغرامة، فضلًا عن الإساءة لسمعة العراق دوليًا.

 

** مستشار قانوني واعلامي عمليات وحرب نفسية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق