د حسن جمعة
في التجارب السياسية الناضجة حول العالم، تدرك الأحزاب الرصينة أن صناعة المستقبل لا تتم بالعفوية أو بالمجاملات السياسية، بل بانتقاء الشخصيات الاستثنائية التي تمتلك القدرة على إحداث فرق حقيقي في البناء الاقتصادي والسياسي للدول. هذه الرؤية تقوم على قاعدة بسيطة: المصلحة العامة أولاً، عبر استقطاب عقول وخبرات نادرة تُثري القرار الوطني وتدفع عجلة الإصلاح.
لكن العراق، وعلى مدار أكثر من عقدين من التجربة السياسية، لم يعرف بعد هذه الثقافة في اختيار رجالاته، إذ ما زالت الكثير من القوى أسيرة نهج التوريث العائلي والمحاصصة، ما جعل الساحة فقيرة بالأسماء ذات الأوزان العالمية أو الخبرات النوعية.
رغم ذلك، برزت في السنوات الأخيرة شخصيات محدودة كسرت هذا الجمود، وقدمت نفسها بمؤهلات علمية ومهنية عالية. ومن بين هذه الأسماء، لمع المهندس” علي جبار الفريجي” ، الذي جذب انتباه الإعلام والمجتمع بخبرته الفريدة في الإدارة العليا وإدارة الأزمات وصناعة القرار، وهي تخصصات غائبة عن قاموس العملية السياسية في العراق.
ما يميز الفريجي ليس فقط مساره الأكاديمي، بل أسلوبه العلمي في قراءة الواقع العراقي، مستخدماً لغة الأرقام والبيانات، وطارحاً حلولاً اقتصادية عملية بمستوى رفيع. هذه المنهجية العلمية الدقيقة، غير المألوفة في الخطاب السياسي العراقي، جعلته محط اهتمام القنوات الإعلامية التي تتسابق لاستضافته، خصوصاً مع ما يقدمه من قراءات استشرافية دقيقة للأحداث في العراق والمنطقة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الإداري.
عند التعمق في سيرته، يتضح أن هذه التجربة لم تتشكل بالصدفة. فهي نتاج سنوات من الجهد والعمل الميداني والدراسة النوعية، تُوّجت بدخول أروقة جامعة الملوك والرؤساء – هارفارد، مصنع قادة العالم، ليصبح أول مهندس عراقي ينال شهادة عليا في الإدارة وصناعة القرار من هذه المؤسسة العريقة. خبرته الدولية، وقدرته الاستثنائية على إدارة الأزمات، تجعل منه نموذجاً للكفاءة التي يحتاجها العراق في هذه المرحلة الدقيقة.
الأهم أن هذه الشخصية بدأت تجد طريقها نحو الفضاء السياسي، في تجربة متقدمة تتناغم مع حاجة العراق لمرحلة انتقالية حاسمة، يقودها فكر اقتصادي وسياسي متجدد. ولا نجد في هذا السياق سوى تجربة السيد محسن المندلاوي، الذي يتبنى مشروعاً اقتصادياً سياسياً بفكر متغير، يفتح الباب أمام رؤى جديدة للعمل الوطني.
فهل سيكون المندلاوي، كما عهدناه، صاحب حكمة عالية وقرار وطني، وهو يضم المهندس علي جبار الفريجي إلى صفوفه، مستثمراً حضوره وخبرته لتحقيق تغيير حقيقي في ظل المواجهة الصعبة التي تفرضها المرحلة القادمة؟