كتب الدكتور الفنان و الكاتب والناقد عزيز جبر الساعدي مقالة خصها للحديث عن مسيرة الكاتب والفنان ثائر هادي جباره تحت عنوان :
ثائر هادي جبارة راهب مسرح ام متصوف حداثوي ؟ فقال :
مذ عرفته وهو شاب يمتلء حيوية ونشاط ,,مؤدب خلوق لايرد طلب اي مخرج يعمل معه ممثلا كان او مساعدا للاخراج او مصمم أضاءة او ديكور ,دائم التعلم ,,يشعرك هذا النبيل هو تلميذ امامك وتلميذ نجيب عارف حقوقه وواجباته ومكانته امام الاخرين ..كسب ود زملائه وأساتذته فكان بحق فنانا اصيلا , كنت شخصيا أتابعه وأسال عنه وعن نشاطه في المسرح المدرسي الذي احتل جزءا كبيرا في نشاط الحلة المسرحي وبدء الاخرون يشيدون به وبعمله المتواصل رغم الخراب الذي تعيشه الثقافة في العراق وليس في بابل فحسب ظل عنيدا يواصل مشواره الفني وبجهود ذاتيه خالصة , الومضة الثانية التي اكتشفت فيه هذه الجهادية في عملة كتابته بحثا يرتقي الى ان ينال به رسالة ماجستير ( الانسنة في مسرح الصغار )(على ما اتذكر ,كتب نصا مسرحيا اسمه (غربة وطن) قام من خلاله بأنسنة الهواء والتراب والماء وجعل منها شخصيات تتصارع فيما بينها كل منهم يقول انا الافضل .فجعل من هذا البحث مختبرا يؤكد فية ريادة تخصه هو دون الاخرين .
كتب عنه بعض من زملائه واساتذته مجموعة ممتازة من مقالات نقدية , عنه وعن رواه الاخراجية الشيء الجميل التي تؤرخ مسيرته خصوصا بعد احالته على التقاعد اليوم .يطلقون عليه راهب المسرح اعتزازا بمحبته وجهاديته في المسرح
اقول
الراهب ؟
ام المتصوف ؟
لارهبانية في المسرح فهو ليس براهب , اذهب الى (مجموعتة المسرحية الاخيرة)
جب أت ..جن أت , ومسرحيات أخرى
تحديدا في صفحة 78 و79 من مسرحية ( جب أت ..جن أت)
تنفي عنه رهبانية المسرح بمعناها الاصطلاحي وليس اللغوي
هل هو متصوف ؟ ربما هو أقرب الى ذلك ..ولكن متصوف (حداثوي )هذه المرة وبأمتياز كما هو في في مجموعته المسرحية ( اغنية الهم والهم ) او مجموعته ما لم يقله البهلول )
بين سيناريوهات ومدونات وبين بحوث يسبقها تخطيط لترجمتها هما مسرحيا كما أسلفت ,يتخذ تارة عرضا مسرحيا معدا وبين عرضا مسرحيا مؤلفا تارة أخرى يجمع خطوطها وتناسق شكلها عمودا فقريا يشد القاريء المحب للمسرح وبين لوحات جماليه تشكيليه رغم بساطتها فيها ترقب وخيال يعطي المتلقي الجمهور قوة الذائقة والبوح بصوت مسموع ..
الفنان الجميل ثائر هادي حقق لنفسه مناخا محببا يدلو بصوته ورغباته المكبوته بصوت عال والبعض لايخلو من رغبات مكبوته مسكوتا عنها لدى الكثيرمنا ؟ ويكفينا فخرا به ان رسالة ماجستير كُتبت بحقه ) الرؤى الاخراجية في عروض ثائر هادي جبارة) ومن هنا تسألنا هل هو راهب كما اطلق عليه محبيه من الذين يجمعهم الخطاب المسرحي النبيل والاصيل
الصراعات التي يعيشها الفنان ثائر هادي ليست فيها عقد نفسية تجعله يسكن لها برهبانية مبتعدا عن الاخرين وليست مرارة وتجلي يعيشها لوحده ؟ بل هو يعمل على مفردات وجمل وسلسلة من الحكايات الواقعية والاسطورية يضمها صورة بتكوينات بسيطة ومؤثرة في ان واحد كلها تشترك مع الهم العراقي والحلم العراقي محليا واحيانا عربيا ..من (قتل ,تشريد, سجون , البحث عن الحرية..الخ ) ومتنفسه الكبير في ذلك مشاركته المستمرة في مهرجان ينابيع الشهادة التي يؤلف ويعد له (ومن جيبه الخاص أنتاجية اعماله ) كما عرفت اخيرا وهو المؤمن برسالة الحسين عليه السلام الخالدة وثورته ضد الظلم .
في نصوصه المعدة او المؤلفة لغة فيها عمق دلالي يمنح من خلالها للمتلقي دفقا شعوريا تحرك عاطفته وذهنه بل وفيه نوع من التحريض ( وهذا ليس بفعل راهب) بل هو متصوف يبحث عن التسامي والتجلي والمعرفة بأسرار المسرح وفاعليته بالتغيير (حداثويا) وتحريك كل ماهو أسن يوقف حركة الحياة, و لذلك تجد الجمهور مساهم معه في تغيير نهاية معظم مسرحياته حسب ما يريده , لا كما يريد له هو( كما يقول) .
قلة من نصوصه لم يقدمها على خشبة المسرح وهو يؤكد لنا أن هذه النصوص هي عبارة عن سيناريوهات عرض مسرحي لانصوص توضع على الرفوف , اهتماماته في واقعة الطف اسقطت ظلالها على معظم عروضه المسرحية تأكيدا لما ذهبنا اليه,, فنراه في مسرحية (تذكر انها سالكة ,,ومسرحية منورين)صفحة 42 ومنتصف ص 43 يقول :
( قوموا ايها الكسالى , أرجلكم مقيدة بهذه الخديعة سنين مضت وأنتم كما أنتم لاتفقهون سوى الاساطير والانتظار , همكم الاول والاخر المال والنساء والقصور ..حرقتكم الشمس وأنتم نيام ..) يريد ان يصرخ صرخته بالقول ..ان عصر الحرية الزائفة , جاءت مع الدبابات دون أستأذان .
(وعلى لسان المارد في صفحة 44 )يقول :تنتظرون قاتلكم ولا تتذكرون الطريق , الطريق الذي يستوحشه الانسان لقلة سالكيه …
لغة سلسة فيها بعض من التغريب للحالة ففي حوار الشاب يقول : انا من ابتلى وفاق الحزن حياته كان عندي حمار وذات يوم مات الحمار وذهبت الى الطبيب لااعرف لماذا مات ؟ قال : ان جلطة ضربته ومات .هذه السخرية المرة التي لاتخلو من متعة لتحريك الذهن تجدها في الكثير من نصوصه ..
ففي (مسرحية منورين ايضا ص 54 )أشارة على ان التذكير بثورة الحسين هي العبرة لهذ التوقف في حياتنا الثقافية والسياسية
( ماذا أخذتم من ثورة الحسين .؟ (يسأل الجمهور) :
ماذا أخذتم أنت .. انت ، اللعبة تتكرر .. وهم يدمرون كل شيء جميل ..تقول لي سرقوا منا النفط ..معظمهم سارقين هم يتناحرون مع بعض ..السيارات المفخخة لنا ولهم الحياة .))
وانت تقلب صفحات مجموعاته المسرحية ياخذك سحر الكلمات ومجموعة الاشخاص الذي يربطهم صراعا ازليا .ينتقد بموضوعية وباشارات للتنبوء بالخراب القادم والممنهج للقضاء على الحضارة لهذا البلد الذي ولد فيه الحرف الاول
نبارك للاخ الفنان ثائر هادي جبارة وهو ينتج لنا وللمسرح الحلي كل ما هو جميل وممتع .
ومبارك له مجموعته المسرحية الثانية
(مسرحية جب أت ..جن .ومسرحيات اخرى)
كل التقدير والاماني الحلوه لهذا الصوت الراقي ومزيدا من النجاح