النائب د. رائد المالكي _ عضو القانونية النيابية
٢٣ تموز ٢٠٢٥
يبدو ان عملية تمرير اتفاقية خور عبدالله من خلال البرلمان باتت مستحيلة في ضوء تصاعد المعارضة الشعبية النيابية والرأي العام الرافض لتمرير هذه الاتفاقية والضاغط بشان مراجعتها ، لذا ربما تكون هنالك محاولة اخرى ومسعى جديد من الحكومة والقوى السياسية وعبر بوابة القضاء لاعدام قرار المحكمة الاتحادية او ابطاله وهو امر يتطلب التمهيد له من قبلهم قانونيا وشعبيا…… .
اما عن موقفنا فاننا نجدد رفضنا ومعارضتنا اي محاولة للتراجع الى الوراء في معركة الدفاع عن المصالح الوطنية ومنها حقوق العراق في المياه الاقليمية وحقه المستلب في خور عبدالله، وبهذا الصدد نود التوضيح :
🔷 ان قضايا الحدود وقضية خور عبدالله منها هي قضايا وطنية، وفي مثل تلك القضايا فان الواجب الوطني يحتم علينا جميعا برلمانا وحكومة وسلطات اخرى ان نقف مدافعين عنها برأينا وصوتنا وموقفنا وان نتوسل بكل الوسائل للدفاع عن المصلحة الوطنية خاصة في مواجهة دول ما انفكت تكيد للعراق وتتأمر عليه.
🔷 ان اتفاقية خور عبدالله ليست اتفاقا تنفيذيا لتنظيم مسائل ادارية وفنية، بل هي اتفاق يتعلق بشأن سيادي وقد تضمنت تاكيدا لمضمون قرار مجلس الامن الدولي ٨٣٣ لسنة ١٩٩٤ واضفاءا للشرعية عليه ، مضافا الى ادخال مساحة اضافية له لما بعد العلامة ١٦٢ والتي على اساسها يراد الان ترسيم المجال البحري وتقاسم هذه المنطقة. فالتهوين من قيمة هذه الاتفاقية غير صحيح ولم نره حتى في مواقف الكويتيين انفسهم.
🔷 ان قرار مجلس الامن رقم ٨٣٣ لسنة ١٩٩٤ الذي انتزع خور عبدالله من العراق، او على الاقل فرض الترسيم بين العراق والكويت على اساس خط المنتصف، وليس خط التالوك (اعمق نقطة) مما جعل المياه العميقة في جانب الكويت، ان هذا القرار غير شرعي ويمكن المنازعة به دوليا على اعتبار انه تضمن تدخل مجلس الامن في عملية ترسيم الحدود بين الدول وهذه سابقة لم تحصل من قبل، وقد اقترن بالاكراه لانه صدر ضمن الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، حينها لم تكن ارادة العراق حرة لا داخليا ( نظام دكتاتوري) ولا خارجيا لان العراق كان تحت الفصل السابع ومحاصر حصارا شاملا علما ان القانون الدولي يقر بمسالة بطلان المعاهدات التي توقع تحت الاكراه فكيف اذا صدرت بموجب احكام البند السابع اذا لا ارادة للدولة الطرف في القضية؟؟.
فلماذا يتم اضفاء الشرعية على مضمون هذا القرار بموجب اتفاقية خور عبدالله من سلطة ونظام ديموقراطي جديد بدلا من رفضه والمنازعة فيه دوليا ؟!! فاي شخص وطني يعرف كيف ان الدول تدافع عن مصالحها بشتى الوسائل لا ان تدافع عن مصالح الاجانب والدول الاخرى.
🔷 قيل ان العمل بقرار المحكمة الاتحادية ومبدأها بشأن ابطال قانون المصادقة على اتفاقية خور عبدالله سيؤدي الى ابطال ٤٠٠ اربعمائة اتفاقية صودق عليها ولم يتحقق نصاب الثلثين.
والحقيقة انه ليس كل الاتفاقيات التي ابرمت قبل عام ٢٠١٤ كانت تتعلق بالحدود او السيادة الاقليمية او الحرب والسلم لكي يشترط فيهما نصاب الثلثين وتبطل بدونه ، ربما ان اتفاقيتين فقط كانتا بهذه الصفة هما الاتفاقية الامنية واتفاقية الاطار التنسيقي مع الولايات المتحدة الموقعتان سنة ٢٠٠٨ لم يتحقق فيهما نصاب الثلثين وتتعلقان بالسيادة الاقليمية، ولا نجد ضيرا ولا نخشى ان يطبق عليهما ما طبق بشأن اتفاقية خور عبدالله ويتم الغائهما، فهل يخشى حكام العراق ذلك ؟!!!!
🔷 ان السبب الرئيس وراء تهرب بعض القيادات العراقية السياسية من مواجهة الاخرين والدفاع عن مصالح العراق هو الضعف الذي يعيشونه بسبب تورطهم بامور لا تمكنهم من مواجهة الاخرين، لذا يلجأون غالبا الى التنازل وتبرير هذا التنازل وسوقه على انه فتح مبين. بل وصلت حالة الضعف الى درجة ما نسمعه بان الدول الاخرى قد تضع او تقترح بعض الشخصيات في المواقع الحكومية في وزارات مهمة وعندما يراد تمرير امر معين فلمجرد ان يجدوا موقفا صلبا رافضا لتمرير امور غير صحيحة يتم التدخل والضغط لاستبعاد الشخص الوطني المعترض.
🔷 ليس صحيحا ان يتم التشكيك واضعاف قيمة قرار المحكمة الاتحادية العليا واضعاف اساسه والطعن بنظامها الداخلي خاصة اذا صدر من شخصيات ذات صفة رسمية عليا، لان هذا الامر يضعف موقف العراق في اي منازعة خارجية يحتج فيها العراق بان الاتفاقية صودق عليها بمخالفة قواعد اساسية وجوهرية داخلية ، حيث ينفي عنها صفة ( البينة) او الواضحة كما ورد في اتفاقية فينا لقانون عقد المعاهدات لسنة 1969 التي جعلت مخالفة القواعد الاساسية البينة للقانون الداخلي للدولة سببا لابطال المعاهدة.
🔷 اننا نجدد رفضنا التراجع عن قرار المحكمة الاتحادية بشأن خور عبدالله ومعنا كل الشعب، ومن يظن ان القضية يمكن ان تموت وتنتهي واهم ، ولا يتهمنا احد باننا نستغلها انتخابيا او سياسيا ، لانه بات معلوما ان الاطراف الاخرى هي من تثيرها وتعمل ليل نهار لابطال قرار المحكمة الاتحادية العليا البات والملزم.
وعليه فاننا نتمسك بوجود قرار المحكمة الاتحادية ومضمونه ونفاذيته في مواجهة الاراء الشخصية والفقهية مع احترامنا الكبير لمن صدرت منهم سابقا او تصدر عنهم لاحقا بشأن الموضوع.
قانون المصادقة على الاتفاقية سقط ، والساقط لا يعود.
#انتهى …