د.عزيز جبر يوسف
في مهنة التعليم، وتحديدًا في مجالات الفن والمسرح، لا تقتصر العلاقة بين الأستاذ وطلابه على التلقين وتلقّي المعرفة. إنها مساحة تتجاوز الجدران والقاعات لتغدو علاقة صداقة واعية تُبنى على الاحترام والحوار وتبادل الرؤى. في المسرح تحديدًا، حيث الحسّ الإنساني، والانفعال، والصدق، كلّها أدوات أساسية، يكون للأستاذ دور تربوي عميق يتجاوز النص والعرض.
حين تزرع في طلابك القيم الأخلاقية النابعة من الفن، لا بوصفها دروسًا جاهزة، بل من خلال السلوك، الموقف، والنية الصافية في العمل، فأنت تُهيئهم ليكونوا ليس فقط ممثلين أو مخرجين ناجحين، بل بشرًا حقيقيين، يحملون الفن كرسالة، لا كشهرة.الفن في جوهره تربية للذوق، للوجدان، للضمير.
لذلك يكون أجمل ما في رحلة المعلم أن يرى طلابه وقد صاروا قادة في مجالاتهم، يديرون شؤون الفن والمسرح بإبداعهم، ويقودون السفينة وهم يحملون شيئًا من بصمته، من روحه، من تلك الكلمة التي قيلت صدفة فصارت لهم ضوءًا.تلك اللحظة حين ترى تلميذك يُكرَّم، أو يُشاد بأخلاقه ومهنيته، أو يُحدث فرقًا في مشروع فني راقٍ، هي لحظة فخر لا تقدر بثمن. تشعر وكأنك، دون أن تدري، وضعت حجرًا صغيرًا في بناء كبير اسمه “المستقبل”.
وهكذا، فإن المعلم الذي يزرع القيم في طلابه، لا يُنتظر أن يُشكر، بل يكفيه أن يرى ثمار زرعه تمضي ناضجة في الحقول. إنها نعمة من الله، أن تترك أثرًا صامتًا لكنه خالد، في قلوب من آمنوا بك يومًا، فصاروا أصدقاء، وشركاء في صناعة الفن الأجمل.
د.عزيز جبر يوسف،




