بقلم : ثامر الشمري
استضاف القصر الحكومي في بغداد مؤخرًا قمة عربية حملت أبعادًا سياسية مهمة، لكنها أعادت أيضًا إلى الواجهة حكاية واحدة من أكثر مباني العراق رمزية، مبنى شهد تحوّلات النظام من مملكةٍ أُجهضت أحلامها إلى جمهورياتٍ تفاوتت بين الأمل والانكسار.
شُيّد القصر عام 1955 بأمر من الملك فيصل الثاني ليكون مقرًا ملكيًا ثالثًا، وصممه المهندس البريطاني جون بريان كوبر، غير أن ثورة 14 تموز 1958 منعت افتتاحه ملكيًا، ليبدأ فصله الجمهوري الذي امتد لعقود.
في عهد صدام حسين، خضع القصر لتوسعة شملت بناء قاعة جماهيرية ضخمة أُضيفت إلى معالمه، بإشراف المهندس العراقي مازن الألوسي. وفي تلك الفترة، أصبح القصر مركزًا للقرارات الكبرى ومسرحًا للخطابات الرسمية، في زمنٍ اتسم بالسلطوية والعزلة.
عقب الغزو الأميركي عام 2003، أصبح القصر مقرًا للحاكم المدني بول بريمر، ثم استعادته الحكومة العراقية عام 2009 ليُعرف رسميًا باسم “القصر الحكومي”، ويصبح المقر التنفيذي لرئاسة الوزراء.
ومع قمة بغداد الأخيرة، عاد هذا المبنى العريق إلى دائرة الضوء، لا بوصفه مجرّد مكانٍ سياسي، بل كرمز لتاريخ طويل مليء بالتحولات والصراعات والرسائل.
ومن القصر… رسالة إلى من يحكم:
في هذا المكان لا تنطفئ الذاكرة. فهنا طيف ملوك لم يُتوّجوا، ورؤساء غادروا، وأنظمة اندثرت.
ولا تزال آثار نظام صدام الغابر حاضرة، لا لتمجيده، بل للتنبيه من مغبة التسلّط وتكرار أخطاء الماضي.
إن من يجلس في هذا القصر اليوم لا يملك التاريخ، لكنه قد يُحاسَب أمامه.
فالمناصب لا تدوم، أما الأثر فباقٍ… والقصر لا ينسى.