حوارصحفي مع الرائد المسرحي الدكتور عزيز جبر الساعدي

هيئة التحرير18 مايو 2025آخر تحديث :
حوارصحفي مع الرائد المسرحي الدكتور عزيز جبر الساعدي

لقاء صحفي مع الرائد المسرحي د. عزيز جبر الساعدي، يتناول أبرز مشكلات المسرح العراقي والعربي، إلى جانب رؤيته لسبل النهوض به:

لقاء مع الرائد المسرحي د. عزيز جبر الساعدي: المسرح العراقي والعربي بحاجة إلى مشروع نهضوي شامل

حاوره: [جمال الطويل)

في هذا اللقاء الخاص، نتحاور مع أحد أبرز أعمدة المسرح العراقي المعاصر، الدكتور عزيز جبر الساعدي، الذي يحمل في تجربته الطويلة عمقًا فكريًا وفنيًا جعل منه شاهدًا ومشاركًا في التحولات الكبرى التي مر بها المسرح العراقي والعربي. دار حديثنا حول واقع المسرح، تحدياته، وأفقه المستقبلي.

س: بداية، دكتور عزيز، كيف تقيّم حال المسرح العراقي اليوم؟

ج: المسرح العراقي يعاني، ولا يمكن إنكار ذلك. نعم، هناك جهود فردية تُبذل هنا وهناك، وعروض لافتة تظهر أحيانًا، لكن لا يمكن الحديث عن “مشهد مسرحي” متكامل بمعناه الحقيقي. التحديات كثيرة، تبدأ من غياب الدعم المؤسسي، مرورًا بإهمال التعليم المسرحي، وانتهاءً بضعف علاقة الجمهور بالمسرح، وهو ما يمثل أزمة ثقافية عميقة.

س: ما أبرز المشكلات التي ترى أنها تعيق تطور المسرح العراقي؟

ج: المشكلة الأولى هي انعدام البنية التحتية المناسبة: قاعات غير مؤهلة، غياب التمويل المستدام، وانقطاع الصلة بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات الثقافية وخصوصا في المحافظات. هناك أيضًا أزمة نص مسرحي، حيث تغيب الكتابة المسرحية الجادة، أو تظل حبيسة دوائر ضيقة من المجاملة أو المجاز. كذلك، لا يمكن تجاهل تسييس الثقافة، الذي أدى إلى غياب المشروع الثقافي الحقيقي في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية.

س: وماذا عن المسرح العربي بشكل أوسع؟

ج: المسرح العربي يعاني من مشكلات مشابهة، وإن بدرجات متفاوتة. في بعض الدول، هناك تقدم على مستوى التقنيات أو التنظيم، لكن تظل المشكلة الجوهرية هي الهوية المسرحية: ما الذي نريد قوله؟ ولمن؟ المسرح العربي بحاجة إلى خطاب معاصر يعبر عن واقع مجتمعاتنا لا أن يستنسخ تجارب الآخر أو يعيش في ماضٍ مجيد.

س: ما الذي يمكن أن ينهض بالمسرح من هذا الواقع؟

ج: لا يمكن للمسرح أن ينهض بالجهود الفردية فقط. نحن بحاجة إلى مشروع ثقافي وطني شامل، تضعه الدولة بالتعاون مع الفنانين الحقيقيين، لا مع موظفي الثقافة. المشروع يجب أن يتضمن إصلاح التعليم الفني، دعم الكتابة المسرحية، تأهيل البنية التحتية، وتقديم المسرح كجزء من الحياة اليومية، لا كفعل احتفالي عابر.

س: كيف ترى دور الفنان في ظل هذه الظروف؟

ج: الفنان الحقيقي لا ينتظر. عليه أن يقاوم هذا التآكل الثقافي، أن يكتب، ويجرب، ويؤسس فرقًا مستقلة إن لزم الأمر. لكن في الوقت ذاته، لا بد أن نكون واقعيين: لا يمكن للفرد أن يحل محل مؤسسة غائبة. لذا، فالمعركة مزدوجة: معركة إبداع، ومعركة وعي ومطالبة بالتغيير.

س: أخيرًا، ما الذي تتمنى أن تراه في المسرح العراقي خلال السنوات القادمة؟

ج: أتمنى أن أرى مسرحًا يعبر عن الإنسان العراقي، لا مسرحًا دعائيًا أو مناسباتيًا. أتمنى أن تعود المعاهد والجامعات لتخريج مبدعين حقيقيين، وأن نصل إلى لحظة يصبح فيها المسرح جزءًا من النسيج اليومي للمجتمع، لا مجرد ترفٍ

رسالة موجهة من د. عزيز جبر الساعدي إلى جيل الشباب، تُستكمل بها

رسالة إلى شباب المسرح: المعرفة هي الجذر الذي يصنع الثبات

في ختام حديثه، وجه د. عزيز جبر الساعدي رسالة صادقة إلى جيل الشباب من المسرحيين قائلاً:

“أنتم تمتلكون طاقة، وحرية تعبير لم تكن متاحة لجيلنا، لكن لا يمكن أن يقوم مسرح حقيقي من دون خزين معرفي عميق. المسرح ليس منصة فقط، بل هو موقف فكري وأخلاقي وجمالي. عليكم أن تقرأوا، أن تشاهدوا، أن تناقشوا، وأن تسائلوا كل شيء من حولكم.

لا تنخدعوا بالسرعة أو الشهرة. ما يبقى من الفنان هو أثره، وأثر المسرحي لا يُصنع إلا بالوعي والثقافة والتجربة. لا تنتظروا الظروف أن تتغير، بل كونوا أنتم التغيير. تأسسوا على معرفة، واصنعوا لغتكم الخاصة، حينها فقط، يمكن أن نتحدث عن نهضة مسرحية حقيقية تبدأ منكم أنتم.”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق