أنانية تهدم آمال

حسين صادق5 سبتمبر 2025آخر تحديث :
أنانية تهدم آمال

أنانية تهدم آمال

 

د . ميثم مطير حميدي

 

في ملاعب كرة القدم، حيث تمتزج المهارة بالفن، وتتحول اللحظة إلى مشهد يختصر فرح الجماهير أو خيبة قلوبهم، يبقى التركيز وروح الجماعة هما الأساس الذي يصنع الفرق بين فريقٍ عابرٍ وآخرٍ يصنع المجد. فالساحرة المستديرة، بوهجها وضجيج مدرجاتها، لم تعد مجرد لعبة، بل مسرحاً للانسجام والتكامل، حيث يضيء كل لاعب كنجمة في سماء واحدة، لا ككوكبٍ معزول يكتفي بسطوعه الفردي.

 

غير أن منتخبنا الشبابي أمام عمان افتقد لهذا التوهج الجماعي، إذ برزت الأنانية المفرطة وفقدان التركيز كأهم الأسباب التي أضعفت أداء الفريق، فغابت “الأدوات” القادرة على بناء الهجمات وتنظيمها من الخلف إلى الأمام كما كنا نراها في عصور هادي أحمد وناطق هاشم ثم نشأت أكرم. المدافعون انشغلوا بالمناولات الآمنة والمرتجعة للخلف، وكأن الخوف يقيّد أقدامهم ويغلق أفقهم على مساحات الملعب الواسعة، فتحولت السيطرة إلى عبء، لا إلى وسيلة ضغط على المنافس.

 

كما أن اللعب العشوائي بالكرات الطويلة والعرضية غير الدقيقة لم يثمر سوى عن محاولات مبعثرة، فيما أضاع المهاجمون فرصاً ثمينة نتيجة التمسك بالكرة وحب التسجيل الفردي، بدلاً من استغلال الفراغات أو تمرير الكرة لزميل في وضع أفضل. هنا تجلّت الأنانية القاتلة التي حوّلت الهجمة إلى فرصة مهدورة، وترجمت تراجع الروح الجماعية. على العكس من ذلك، رأينا كيف سجّل المنتخب العماني هدفه من جملة تكتيكية بسيطة وعرضية متقنة، تجسد جوهر كرة القدم الحديثة _ المناولة الدقيقة، والتحرك السريع، وروح الفريق.

 

إن كرة القدم لم تعد تحتمل تلك الأساليب القديمة التي تُثقل الخطوط وتُرهق اللاعبين بلا جدوى. بل هي اليوم لعبة السرعة، الذكاء، وتوزيع الأدوار. لذا فإن معالجة هذه الثغرات تتطلب من الكادر التدريبي أن يرسخ مبدأ اللعب الجماعي، ويُنمّي دقة المناولات، ويكبح الأنانية، لأن الفوز لا يُكتب باسم لاعب بل باسم وطن.

 

كرة القدم العراقية بحاجة إلى يقظة فكرية وتدريبية قبل أن تكون بحاجة إلى نجوم فرديين. فالمجد لا يُصنع بمهارة لاعب واحد، بل بانسجام فريق كامل يضع شعار الوطن فوق كل اسم، ويمرر الكرة كما يمرر الأمل إلى قلوب الملايين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق