هل لدينا مسرح حسيني ذات هوية مميزة؟

حسين صادق4 سبتمبر 2025آخر تحديث :
هل لدينا مسرح حسيني ذات هوية مميزة؟

هل لدينا مسرح حسيني ذات هوية مميزة؟

ما فائدة المهرجانات الخجولة التي لم تؤسس سمات لهذا المسرح؟

 

بقلم الفنان عزيز جبر الساعدي.

 

المسرح الحسيني …

سمات وخصائص

( نسخة من هذا المقال للسادة الذين يقيمون مهرجان المسرح الحسيني كل عام ..مع التقدير)

 

ماهي ضرورات وجود مسرح حسيني في الوقت الحاضر ؟

 

ربما من البديهي القول أن منظومة القيم الاجتماعية التي ترهلت في العهد المباد وزادت قسوتها في الوقت الحاضر , تؤثر تأثيرا كبيرا على الثقافة المجتمعية التي يفترض ان تنهض بأعباء كبيرة كرد فعل مغاير لسد الفراغ الفكري والتربوي حتى نستطيع أن نعيد مجتمعنا الى وضعه الطبيعي والرائد والخلاق بين الامم المتحضرة و هنا تقع على حوزاتنا العلمية وعلمائها الاعلام , وجميع مؤسساتنا الثقافية الاسهام الفاعل في مشروع حضاري طموح يرتقي بالانسان العراقي , واصلاح الخلل في بنية المجتمع بالاضافة الى الخدمات الاجتماعية الاساسية والضرورية , وان تقدم فكرا نبيلا من خلال الفنون الجميلة التي تسهم بالارتقاء بذائقة الفرد وهذا ما عملت عليه العتبتين الحسينية والعباسية في الاونة الاخيرة مشكورين , ولان المسرح واجهة عريضة ل أستقطاب شرائح متنوعه ومتعددة من المجتمع بعرضه خطابا توعويا وثقافيا وانسانيا سيكون الاكثر حضورا من باقي الفنون الجميله< هذا المسرح الذي يستمد قوته ورؤاه من أفكار مستمدة أصلا من القيم الفكرية التي كان نبينا الاكرم محمد( ص) قائدا ومربيا لها في بدء الرسالة وليومنا هذا وعلى يد أئمتنا الاخيار من بعده ..

معلوم ان كتابة البحوث ابداع فني فاعل يبين تطور المادة المراد دراستها والسعي للخروج بنتائج ومقترحات تؤسس لفعل نبيل يخدم حركة المجتمع ككل

وما المؤتمرات والمهرجانات التي أسست لمفهوم وسمات المسرح الحسيني , الذي تشظت فيه التسمية,, فمنهم من يطلق عليه(مسرح الشعائر ,مسرح التعزية,مسرح التشابيه …الخ) وكلها بلا شك تستمد افكارها من واقعة الطف العظيمة , الامر الذي جعل المداخلات الكثيرة تُغيب الفارق الواضح بين هذه التسميات .وتنظيرات الاخوة من الاكاديمين ومقترحاتهم أضاعت فرصة الحوار والمقترحات التي من شأنها تطور الافكار المطلوبه من (مؤلف)

 

المسرح الحسيني ؟

لتقديم اشعاع معرفي من خلال المسرح لقطاعات المجتمع و الانطلاق الى العالمية كخطاب معرفي مستمد قوته من واقعة كربلاء , هووضع اليد على المسرحيات التي شكلت حضورا فنيا وجماهيرا وكيفية تطور مثل هذه العروض . ينبغي ان تنطلق لجان تقصي ومتابعة لما يقدم في المواسم القادمة ولاتبقى هذه المهرجانات أسيرة العلاقات الشخصية ,بل أختيار اشخاص ممن يتفرغ لهذه المهمة العسيرة لانها في طور التطور.

الذي يراد من هذه المهرجانات والمؤتمرات .بعيدا عن المجاملات لم تؤسس لسمات المسرح الحسيني .لحد الان .لم نفهم على وجه التحديد ما ذ نريد من مسرح التشابيه وهل يبقى رهين الساحات العامة بقصد أثارة المشاعر الحزينة كتأنيب ضمير لترك الحسين وعدم نصرته؟؟ ام نحاول ان نأخذ بيد العاملين عليها وتطوير ها وفق أليات جديدة تخدم هذه الشعائر فكريا وانسانيا ؟ كثير من الاسئله ظلت عائمة دون جواب في الوقت الذي نرى ان الكثير من المسرحيات الشعريه المطبوعة منها ,والتي رأت النور على خشبات مسارحنا والذي فتح المجال لكل من يمتلك قليل من التجربة الغوص في عوالم الواقعة ؟بلا رقيب؟ وظل دور المراة شبه مغيب عن المسرح الحسيني وهي العصب الرئيس في الواقعة عن الكثير من البحوث ؟

رغم ان الدعوة صادقة وحميمية ومخلصة ناتجة عن الايمان الحقيقي بالرسالة الاسلامية السمحاء , لايدعونا هذا الى التمسك بالعفوية الشعائرية التي أحيانا كثيرة تسيء الى الواقعة لانها تأتي من أناس (متعصبين ومتطرفين )لاتخدم روح واقعة كربلاء , علينا الانتباه الى جوهر حركة المسرح بمفهومه الحديث وأثره في التغيير بمواضيع مختلفة وانطلاقا من هذه الرؤية الخلاقة لدور المسرح كان التوجه لبناء (مسرح حسيني ) لنشر المباديء السامية الى اقصى بقعة من الارض . بفلسفة وطريقة تفكير ومنهاج عمل يستمر ولا يتوقف عند شهر محرم الحرام , يكون له مريديه وجمهوره , بحيث تكون العروض المسرحية على مدار العام .مع الدعم الاعلامي بكافة قنواتنا العاملة في القطر..

 

تجربة ومثال عملي نحو مسرح حسيني..

 

 

الاسلوب العفوي والاني لمسرحة الشعائر ,ربما يصلح أن يودى في الشوارع والاماكن العامة ..في الوقت الذي نتحدث نحن عن المسرح , المكان والمكملات الفنية الاخرى ,بتقنيات حديثة نستطيع من خلالها أثارة الترقب والمتعه والابهار مع ايصال الافكار لقطاعات مختلفة من الجمهور داخل صالة العرض بحرفة ودربة )مخرج وممثلين (قادرين على استثمار الملابس والاضاءه والازياء والديكور ودلالاته ضمن سينوغرافيا موحية تماشيا مع المنظومة العامة التي تهتم بها ثقافات العالم . وهذا الفعل يتطلب جهودا جبارة ونحن نحول الافكار الحسينية الى أسلوب أفضل لنشره الى المتلقي ممن يختلف معنا في الرؤية والفكر . وهذا الهدف النبيل يدعونا الى التخطيط والتأني في رسم معالم هذا المسرح من اجل خدمة ؟أفكارنا وأنجازاتنا الابداعية وأيصالها في أسرع وقت للعالم .

لاشك ان القضية الحسينية هي قضية الهم الانساني المشترك دون ان تعني بطائفة دون غيرها أو مذهب دون أخر وانما هي قضية تخص المبدأ والايمان وضد الطغيان مهما كانت تسمياته ورفض الكفر والانحراف الفكري والعقائدي , هذه المباديء التي أخذت شكلا شعائريا تشبه المسرح , نجد انها قابلة للتطور مثل ما حصل للملاحم والشعائر الدينية المختلفة في العالم التي أمتلكت بعض من مقومات العناصر الدرامية والتي أستلهمت منها فنونا أخرى وكونت مسرحا .

استثمروا فيه المكان بتعددية المدلولات أخذين بنظر الاعتبار المشهد الطقسي وهو الوسيط للتعامل مع المكان ليس هندسيا وجماليا فقط بل حسيا ووجدانيا

وقدرتها على توظيف كل الامكانات والوسائل التعبيرية لتحقيق المعنى بما فيها الامكنة التي تجري فيها بقية التشابية .أو الطقوس..

هل استطاع المسرح الحسيني الاستفادة من تقنيات المسرح الحديث لعكس صورة الواقعه بمعناها العميق ؟ هل استثمر المؤلف العراقي او العربي العقائدي مواضيع حياتية من الواقع الاجتماعي ؟ هل العروض والنصوص المسرحية كافية لنقول اننا نمتلك مسرحا حسينيا ؟

ربما الاسئلة تفجر فينا الكثير من المقترحات طالما الهدف النبيل هو الذي يدفعنا الى تشكيل قيمة عقائدية مستلهمة من الشعائر الحسينية .

كثير من التجارب المسرحية التي عرضت في بعض المهرجانات أثبتت ـألقها وجدارتها كونها تحدثت عن أشخاص تمتلك قيم سامية وليس بعيد عنا تجربة مسرحية الحر الرياحي . وتجربة كاتب هذه الحروف الذي قام بتجربة مع طلبة معهد الفنون الجميلة في بغداد .بعمل مسرحي أطلق علية تسمية (تمرين مسرحي) يحكي بأختصار عن الشاعر (الخلعي او الخليعي ) صاحب أشهر بيت شعر خلده , يتداوله زوار الحسين علية السلام (أذا شئت النجاة فزر حسينا ..لكي تلقى الاله قرير عين ..)

فأن النار ليس تمس جسما… عليه غبار زوار الحسين )

والذي وقع عليه سترا من الباب اثناء أنشاده القصيده في الضريح فسمي ب الخليعي .التجربة بأختصار بدأت بممثل واحد وانتهت بعشرون ممثلا(أنها بركات الحسين بلا شك)أستثمرت فيها شاعرية الممثل وصوته الجميل ولغته الكرديه التي زاوجنا الحوارات المهمة ب العربي والكردي بمهارة فائقة لنقول أن قضية الامام الحسين شمولية, وحتى نبتعد عن الاسئلة ؟ عن الزي والديكور والاضائة عملنا على ان يكون العرض بروفه يومية , أدخلنا عازف سيمفوني ( الة السكسفون) بترنيمة حزينه تتلائم مع العرض , عملنا الى رسم لوحات بأجسام الممثلين كلغة تعبير عن الشهادة ,واللطم الحسيني …الخ من اللوحات التعبيريه ..بدء العرض بقصائد مكتوبة على ستارة المسرح وانتهى بأنشودة ( ما كتبت الشعر في أروقة القصور ..طالبا أجور ..عندما تنفجر الدماء أو تثور , تكتب السطور ..تقلع السجادة الحمراء من الجذور …عندما تفور )

ماذا حقق العرض ؟ بحضور طلبة وجمهور عريض من مختلف الديانات والطوائف والمذاهب ؟ بواحدة من كرامات الامام الحسين عليه السلام وتسليط الضوء عليها ,,أستطعنا أن ننشر تلك التعازي وفق التصورات الشكلية ل أليات البناء المسرحي وحققنا جزءا يسيرا من المعطيات المعاصرة مع الحفاظ على الموجهات والاهداف الايمانية . بهذا المثال البسيط نستطيع أن نعمل ونؤسس مسرحا حسينيا يليق بهذه التسمية ,لاسيما اذا توفر لهذا المسرح عقلية مبتكرة وتقنيات حديثة ونصوص واقعية تستلهم من هذا التراث العظيم

 

د. عزيز جبر الساعدي/ العراق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق