بقلم: الدكتور بسام عبد الله الهذال
حين يقف الإنسان على أعتاب مستقبله، ويُطلب منه أن يختار طريقه المهني، فإنه لا يختار وظيفة مؤقتة ولا مسارًا عابرًا، بل يرسم لنفسه صورة مستمرة ترافقه ما دام حيًّا، بل وتبقى بعد رحيله. فالمهنة ليست مجرد وسيلة للعيش، بل هي هوية، وانعكاس لشخصية صاحبها، وأثرٌ يتركه في حياة الآخرين.
الاختصاص المهني الذي تختاره اليوم، سيشكل جزءًا من شخصيتك، وسيرتبط بك في كل مراحل حياتك. لهذا، يجب أن يكون قرارك نابعًا من قناعة داخلية، لا من ضغط خارجي أو رغبة وقتية. اختر ما تحب، وما ترى فيه نفسك، فالمهنة التي تُمارسها بشغف، تتحول إلى رسالة، بينما تلك التي تختارها مضطرًا، قد تصبح عبئًا ثقيلًا.
لقد أثبتت التجارب أن الإنسان عندما يُحب عمله، يعطي أكثر، ويبدع أكثر، ويترك بصمة لا تُنسى. كم من مهندس، أو معلم، أو طبيب، أو صحفي، بقيت ذكراه حيّة في قلوب الناس، لا لأنه جمع ثروة، بل لأنه أخلص لمهنته، وترك أثرًا طيبًا في محيطه.
كما أن حب الاختصاص لا يعني فقط النجاح الشخصي، بل يُعزز أيضًا من قيمة المهنة في المجتمع. فالمهني المحب لما يعمل، يُمثل قدوة للآخرين، وينقل صورة إيجابية عن مهنته، ويُسهم في بناء ثقافة احترام العمل.
وتبقى الحقيقة الثابتة أن المهنة ترافقك طوال عمرك، في أفكارك وسلوكك وأسلوب حياتك، وقد يخلّدها الناس في ذكراك بعد وفاتك. فاحرص أن تكون مهنتك شهادة لك، لا عليك.
اختر مهنتك بعقل محب وقلب مؤمن، لأنها ستبقى معك… حتى وإن مضيت.