معالم ووجوه في الساحة الفنية

هيئة التحرير21 مايو 2025آخر تحديث :
معالم ووجوه في الساحة الفنية

 

بقلم: سمير خليل

في تاريخ المسرح العراقي، ثمة أسماء لا يمكن تجاوزها، لأنها لم تكن مجرد وجوه في الساحة الفنية مثلما هي على الخشبة، بل كانت أرواحًا تنبض داخل النص، وتفكر من عمق الخشبة.
من بين هؤلاء، يبرز الفنان الرائد *الدكتور عزيز جبر الساعدي*، الذي نذر حياته للمسرح، ممثلاً ومخرجاً ومربياً أكاديمياً.

ولد د. عزيز جبر في *محلة الكسرة ببغداد عام 1953*، وتتلمذ على أيدي أبرز الأساتذة في اكاديمية الفنون الجميلة، حيث حصل على شهادة *البكالوريوس في الإخراج المسرحي* عام 1975، ثم على *الماجستير في مسرح الطفل* عام 2006، وأكمل مسيرته الأكاديمية بالحصول على *شهادة الدكتوراه في فلسفة الإخراج المسرحي*، ليجمع بذلك بين التجربة والمعرفة، وبين الخشبة والقلم.

منذ الثمانينيات، أصبح اسمه مرادفًا للعطاء في *معهد الفنون الجميلة ببغداد*، حيث شغل مناصب عدة، من بينها *رئيس قسم المسرح، معاون علمي، مشرف فني، وعضو في لجان المناهج المسرحية في وزارة التربية*. ولم يكن وجوده في المؤسسة الأكاديمية شكليًا، بل كان حاضرًا كموجه وقائد لعدة أجيال من الطلبة والفنانين.
شارك الاستاذ عزيز جبر في *الفرقة القومية للتمثيل*، ووقف على خشبة المسرح في أعمال عراقية كبيرة مثل: *البيك والسائق، المتنبي، أبو الأمين الخليع، و الجارية شموس، شموكين الحائط، المحلة*. وكان للمخرج الكبير *إبراهيم جلال* وللمبدعين جاسم العبودي*فاضل خليل وسليم الجزائري* أثر واضح في صقل شخصيته الفنية.

في الإذاعة، قدّم عشرات المسلسلات والبرامج من أبرزها: *المبدعون والحب، أيام خالدة، حكاية كل بيت، ذكريات،حكاية رياضي وغيرها*. وفي التلفزيون، شارك كممثل في أعمال كثيرة مثل: *ذئاب الليل، لا وقت للشفقة، الجرح، عمر بن أبي ربيعة، الطب عند العرب، حكاية العم نعمان، شموع خضر الياس* وغيرها من الأعمال التي حفرت في ذاكرة المتلقي العراقي.

أما في السينما، فقد شارك في أفلام بارزة منها *نفط 72، الأيام الطويلة، 100/100*.

لكن الأهم من كل ذلك، هو أن الدكتور عزيز لم يكتفِ بدور الفنان، بل حمل رسالة تربوية وإنسانية. عبر إخراجه لعشرات المسرحيات المدرسية والتعليمية والتربوية، مثل: *الفخ، آدم الطيب، حكاية الرجل الذي صار كلباً، أنشودة أنغولا، النبع الأول، الأستاذ*،وغيرها من الاعمال شكّل جسراً بين الفن والجمهور، بين الطفل والمسرح، بين القيم والتمثيل.

*فلسفة الإخراج… رؤية فنية ومجتمعية*

دراسته للدكتوراه في فلسفة الإخراج لم تكن ترفًا أكاديميًا، بل تعبيرًا عن إيمان راسخ بأن المسرح يجب أن يكون فعلاً تفكيكياً وتحويلياً، يحملُ الناس من واقعهم إلى رؤيةٍ أعمق لذواتهم وتاريخهم.

في لقاء أُجري معه مؤخرًا، شدد الاستاذ عزيز جبر على أن:
*المسرح ليس طقساً نخبوياً، بل فعل حيّ. يجب أن ينزل إلى الناس في الجامعة، الشارع، المقهى، لا أن ينتظرهم في قاعات معتمة.*”

كما أبدى أسفه على حال النص المسرحي اليوم، قائلاً:
> “*الكاتب المسرحي مهمّش، والدولة لا تدعم النصوص الجديدة، وبدون نص قوي لا مسرح، ولا وعي، ولا جمهور.*”

*ختامًا… رسالة وفاء واستمرار*

يقول لمن يسيرون على درب المسرح:
> “*لا تيأسوا، الفن العراقي لا يموت، فقط يحتاج إلى من يؤمن به.*”

ويقول للجمهور:
> “*عودوا إلينا، فالمسرح بدونكم مجرد جدران صامتة.*”

الدكتور عزيز جبر الساعدي ليس مجرد اسم في أرشيف الفن العراقي، بل هو شاهد حي على قدرة الفن على مقاومة الخراب، وعلى انتصار الثقافة على

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق