كاتب ومحلل سياسي .. بين إثارة القارئ وخلط الأوراق
بقلم/عامر جاسم العيداني
في المشهد الإعلامي العراقي والعربي يبرز كاتب وصحفي ما كأحد الأصوات المثيرة للجدل نظراً لأسلوبه المختلف في تناول الأحداث السياسية وربطها بخيوط تبدو أحياناً غير مرئية ، فهو لا يكتفي بعرض المعلومة كما هي بل يتعمد إدخالها في إطار تحليلي مثير ويخلق حالة من التشويق لدى القارئ حتى يشعر أنه أمام كاتب يمتلك أسراراً أو يعرف ما يجري خلف الكواليس .
أحد الأمثلة على ذلك هو ربطه بين إطلاق سراح أمير موسوي المستشار الإيراني السابق وبين قضية إليزابيث تسوركوف الإسرائيلية المحتجزة لدى أحد الفصائل العراقية وهذا الربط الزمني والسياسي قد يبدو غريباً للوهلة الأولى لكنه يعكس طريقة هذا الكاتب المعتادة في مزج الأحداث المتباعدة ليعطي انطباعاً بوجود صفقة أو خيط خفي يجمع بينها.
ويظهر ذات الأسلوب عندما يتحدث عن علاقات قطر بإيران وتركيا إذ يوحي للقارئ وكأن هذا التقارب حدث مستجد في حين أن الواقع يشير إلى أن العلاقة بين الدوحة وطهران تعززت منذ أزمة الحصار الخليجي عام 2017 حيث لعبت إيران دوراً محورياً في كسر الحصار عبر فتح أجوائها وموانئها لقطر .
كما أن تركيا سارعت حينها إلى إرسال قوات عسكرية ودعم لوجستي منع أي عمل عسكري محتمل ضد الدوحة ، بالإضافة الى اغراق السوق القطرية بالسلع الغذائية للتخفيف من شدة الحصار ، ومع ذلك يقدم الكاتب مثل هذه الحقائق في سياق يثير الريبة وكأنها تطورات غامضة أو صفقات خفية.
هذا الأسلوب له تأثير مزدوج إيجابياً يجذب القارئ ويحفزه على التفكير والبحث عن أبعاد جديدة في السياسة ويكسر نمطية الأخبار الجافة. وسلبياً قد يربك المتلقي ويجعله أسيراً لفرضيات غير مؤكدة خصوصاً أن الكثير من قرائه يتعاملون مع طرحه على أنه حقيقة ، في حين أنه في الغالب مجرد قراءة شخصية أو تحليل ذاتي.
الكاتب لا يعتمد على التوثيق الصارم أو الأدلة المباشرة بل على التركيب السياسي والإيحاء في محاولة لتقديم نفسه كصوت مختلف يعرف كيف يربط الخيوط ويثير الجدل ، لكن هذا النهج وإن كان يحقق انتشاراً واسعاً إلا أنه يضع القارئ أمام مسؤولية مضاعفة بأن يقرأ ما بين السطور وألّا يأخذ كل ما يُطرح على أنه حقيقة ناجزة بل فرضيات تحتاج إلى تمحيص.
إن خطورة مثل هذا الطرح تكمن في أنه قد يحول النقاش العام من البحث عن الحقائق إلى الانشغال بالتكهنات الأمر الذي يربك وعي المواطن ويجعله عرضة للتأثير العاطفي أكثر من التحليل الموضوعي.
لذلك فإن التعامل مع كتابات هذا الكاتب وأمثاله يجب أن يكون بحذر مع الأخذ منها ما يحفّز التفكير وترك ما لا يقوم على الدليل أو المصدر الموثوق فالمجتمع اليوم بحاجة إلى إعلام مسؤول يوازن بين الإثارة والصدق ولا إلى خطاب يخلط الأوراق أكثر مما يوضحها.
ودعوة الى مثل هذا الكاتب وغيره ان يعيدوا النظر في طرح المواضيع التي تثير القلق لدى الجمهور ، بل ان يكون حريصا بطرح الحقائق بناءً على مصادر موثوقة وقراءة موضوعية للاحداث والابتعاد عن الاثارة التي توهم المتلقي وتجعله يعيش في حالة قلق دائم .