
وكالة التاسعة الإخبارية/ حسين الأسدي
في مشهد يعكس حجم الفجوة المتزايدة بين المواطن والمسؤول، تفاعلت الأوساط الشعبية والحقوقية مع حادثة مثيرة للجدل بطلها هذه المرة محافظ البصرة أسعد العيداني، والمواطن البسيط عمار الحلفي الذي لم يرتكب ذنبًا سوى أنه طالب علنًا بتوفير ماء صالح للاستخدام.وفقًا لما تناقلته مصادر محلية وشهود عيان، فقد أقدمت قوة أمنية، يُعتقد أنها بتحريض مباشر من مكتب المحافظ، على اقتحام منزل المواطن عمار الحلفي وترويع أسرته، بذريعة “الإساءة للسلطة”، بينما الحقيقة أن الرجل لم يطلب سوى أبسط حقوقه الإنسانية: ماء نظيفًا للغسل.هل أصبحت المطالبات الخدمية تهديدًا للأمن؟ما جرى يفتح باب الأسئلة الخطيرة عن طريقة تعاطي بعض المسؤولين مع النقد أو الشكوى.
فبدلًا من المبادرة لمعالجة الخلل الخدمي، يُصنّف المتضرر كـ”مخرّب” أو “مثير للفتنة”، وتُستخدم أدوات الدولة للردع بدلًا من الإصلاح.البصرة، المحافظة الأغنى نفطًا، تعاني منذ سنوات من أزمات متراكمة في الماء والكهرباء والصحة والبطالة، وقد خرجت احتجاجات شعبية حاشدة منذ عام 2018 تطالب بالخدمات وإنهاء الإهمال. لكن يبدو أن السلطة، بدل أن تصغي، اختارت أن تُسكت.
و ما جرى مع المواطن الحلفي لا يمثل حالة فردية، بل امتدادًا لنهج خطير يعتمد على الترهيب وشيطنة المطالبات الشعبية، في وقت يفترض أن يكون فيه المسؤول خادمًا للشعب، لا متسلطًا عليه.إن اقتحام منزل مواطن لأنه تجرأ على المطالبة بالخدمة، وترويع عائلته، يمثل خرقًا فاضحًا للقانون والدستور العراقي، ويُعد جريمة أخلاقية وسياسية قبل أن تكون قانونية.دعوة للمساءلةالواجب الوطني والأخلاقي يفرض أن يتحرك مجلس النواب، والجهات القضائية، وهيئة النزاهة، ومنظمات المجتمع المدني، لكشف ملابسات هذه الحادثة، وردع كل من يظن أن السلطة تخوّله إسكات الناس.المواطن لا يطلب المستحيل… فقط ماءً يغتسل به.لكن يبدو أن هذا “الطلب” بات سببًا كافيًا للاعتقال في عراق اليوم.