حين يصفق التاريخ… ويبتسم المسرح

هيئة التحرير4 يونيو 2025آخر تحديث :
حين يصفق التاريخ… ويبتسم المسرح

 

 

*بقلم: أديان صوفي – القسم الثقافي*

لم تكن تلك الليلة اعتيادية. كنتُ أحضر عرضًا مسرحيًا في بغداد، بحثًا عن خبر ثقافي أو زاوية مهنية. لكن المفاجأة لم تكن على الخشبة، بل في القاعة.

في القاعة، جمهور ينهض تلقائيًا، رجال يقبّلون جبين رجل سبعيني أنيق، ونساء يحيينه بدموع وابتسامات. سألت سيدة بجانبي، وقد دهشت من المشهد:

– من هذا؟

قالت بفخر: *”أستاذي د. عزيز جبر. درسني عام 1987 في معهد الفنون الجميلة.”*

ثم بدأت الحكايات… لا عن منهج، بل عن إنسان.

*”زوجي كاد يُعتقل في الثمانينات، وكان الأستاذ من خلّصه من قبضة الأمن.”*

*”كنا طلبة من المحافظات، وهو كان يطعمنا من ماله ويحنو علينا كأب.”*

*”كان ينتظرنا بعد البروفات، ويساعدنا في مشكلاتنا، ويُشركنا في أعمال إذاعية وتلفزيونية.”*

إحدى خريجاته أضافت:

*”كان يدرس لطلبة الصباحي والمسائي بنفس الشغف، ويشجعنا على الكتابة والتمثيل والمشاركة. أغلب من ترونه اليوم على الشاشات، مرّ من بين يديه.”*حتى كان له الفضل في صعود مدرسين الى النجومية

في نهاية العرض، وقفتُ أمامه وسألته:

– دكتور عزيز، كيف ترى طلبتك اليوم؟بعد خدمة ٣٢ عام

قال مبتسمًا: *”أنا فخور جدًا، لكن مثل ما يقول المثل:بعض طلاب المعهد مثل الجفافي بيهم تخون بساع وبيهم يوافي، …”* ثم ضحك وضحكنا معه.

وقف بعدها بكل وقاره، وصفّق للممثلين كأنه يصفق لتاريخه، لطلابه، للصدق الفني الذي آمن به.

غادرت القاعة ولم أكتب عن العرض المسرحي…

: لكنني كتبت عن عرض أعمق: عرض في الذاكرة، في الوفاء، وفي إنسانية أستاذ اسمه عزيز جبر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق