بقلم: سلام سالم
في ظل التحديات الصحية والاجتماعية التي يواجهها العراق، يبقى اضطراب التوحد من القضايا التي لم تنل ما تستحقه من اهتمام حكومي ومجتمعي، رغم ازدياد أعداد المصابين واحتياجاتهم المتزايدة. التوحد ليس مرضًا عضويًا فقط، بل حالة نمائية عصبية معقّدة تؤثر في طريقة التواصل والتفاعل مع الآخرين، ويحتاج الأطفال المصابون به إلى رعاية خاصة، تشخيص مبكر، وتأهيل مستمر. ومع ذلك، يعاني الآلاف من الأسر العراقية من غياب الدعم والرعاية اللازمة.
غياب مراكز التخصص والدعم
في معظم مدن العراق، يفتقر النظام الصحي إلى مراكز متخصصة لتشخيص اضطراب التوحد، فضلاً عن نقص الكوادر المؤهلة في مجالات العلاج السلوكي، التخاطب، والدعم النفسي. وتضطر العديد من العائلات إلى السفر إلى خارج البلاد أو اللجوء إلى مراكز خاصة مكلفة، مما يجعل العلاج حكرًا على الميسورين، بينما تُترك العائلات ذات الدخل المحدود في مواجهة مصيرها بمفردها.
الحاجة إلى سياسة وطنية
إن غياب استراتيجية وطنية واضحة لرعاية المصابين بالتوحد يشكل إهمالًا لحق إنساني أساسي. يجب على الدولة العراقية أن تضع ضمن أولوياتها إنشاء مراكز تشخيص وتأهيل على مستوى المحافظات، وتدريب الكوادر الصحية والتعليمية، وإطلاق حملات توعية شاملة تساعد على فهم التوحد وتقبله في المجتمع.
التعليم والدمج: حقٌ لا يُؤجَّل
أطفال التوحد يواجهون صعوبات كبيرة في التعليم، بسبب نقص المدارس الدامجة والدعم التربوي المتخصص. يجب على وزارة التربية العمل على تطوير نظام تعليم شامل، يضمن دمج الأطفال المصابين بالتوحد وتوفير بيئة تعليمية تراعي احتياجاتهم وتدعم قدراتهم.
التوحد لا يعني العجز
كثير من الأطفال المصابين بالتوحد يملكون مهارات ومواهب استثنائية في مجالات مثل الفن، الرياضيات، والبرمجة. لكن هذه القدرات تُهدر في ظل غياب الدعم والرعاية. الاستثمار في هؤلاء الأطفال هو استثمار في مستقبل العراق، فكل فرد منهم يمكن أن يكون عنصرًا فاعلًا في المجتمع إذا ما توفرت له الفرصة.
ختامًا
إن الاهتمام بمرضى التوحد ليس ترفًا ولا خيارًا، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية. تجاهل هذه الفئة يضر بالنسيج الاجتماعي، ويجعلنا نخسر طاقات بشرية يمكن أن تسهم في بناء عراق أفضل. على الدولة أن تتحرك الآن، قبل أن تتسع الفجوة، ويُترك مزيد من الأطفال في الظل.
ولة الاعتناء بمرض التوحد في العراق