في ظل التطور التكنولوجي السريع أصبح الوصول إلى المعلومات والترفيه أكثر سهولة من أي وقت مضى مما أحدث تأثيرات كبيرة على سلوكيات الشباب في مختلف المجتمعات حول العالم الألعاب الإلكترونية خصوصاً التي تحتوي على محتوى عنيف أصبحت جزءا من الحياة اليومية للعديد من الشباب مما طرح تحديات تربوية واجتماعية وأمنية جديدة
تشير الدراسات العلمية إلى أن التعرض المستمر للألعاب الإلكترونية ذات الطابع العنيف يرتبط بزيادة مستويات السلوك العدواني لدى الأطفال والمراهقين مع تراجع في السلوك الاجتماعي الإيجابي إضافة إلى تأثيرات سلبية على الانتباه والتركيز لديهم كما تربط بعض الأبحاث بين هذه الألعاب وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب في بعض الفئات العمرية
على الصعيد العالمي يلاحظ أن نسبة كبيرة من الشباب خصوصا الذكور يمارسون ألعابا إلكترونية ذات محتوى عنيف مثل Grand Theft Auto و Call of Duty مما يثير القلق حول تأثير هذه الألعاب على القيم والسلوكيات المجتمعية في بعض المناطق التي تشهد أزمات سياسية واجتماعية قد تزيد هشاشة الشباب وتجاربهم الحياتية الصعبة من تأثير هذه الألعاب في توجيههم نحو سلوكيات سلبية
من جانب آخر استغلت بعض الجماعات المتطرفة والجهات الفاعلة سلطة الإعلام الرقمي والألعاب الإلكترونية في استقطاب وتجنيد الشباب وتوجيههم نحو التطرف العنيف وهذا يدل على أن الألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد وسيلة ترفيه بل أصبحت أداة ضمن منظومة استراتيجية تؤثر في الأجيال الناشئة الأمر الذي يتطلب تدخلا فعالا من المجتمع والمؤسسات الإعلامية والتعليمية والأمنية
في ضوء هذه المعطيات يلعب الإعلام دورا محوريا في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة إذ ينبغي لوسائل الإعلام أن تضطلع بمسؤولياتها في توعية المجتمعات بمخاطر التعرض للألعاب الإلكترونية العنيفة وتقديم محتوى إعلامي بديل يعزز القيم الإنسانية والاجتماعية الإيجابية كما يجب تعزيز التنسيق بين الإعلام والجهات الأمنية والتعليمية لوضع برامج توعوية تستهدف الشباب وتوفر لهم بدائل صحية وآمنة لاستخدام التكنولوجيا
إلى جانب ذلك من الضروري أن تعتمد المؤسسات التعليمية استراتيجيات تربوية حديثة تدمج التكنولوجيا بشكل إيجابي في العملية التعليمية وتعمل على تعليم الطلاب مهارات الاستخدام الآمن والفعال للأجهزة الإلكترونية هذا يستوجب تطوير المناهج الدراسية وتأهيل المعلمين لمواكبة التطورات التكنولوجية مع الحفاظ على الهوية الثقافية والقيم الاجتماعية
يمكن القول إن مواجهة التأثيرات السلبية للألعاب الإلكترونية العنيفة على سلوك الشباب تتطلب تنسيق وتكامل بين الإعلام والأمن والتعليم والمجتمع المدني من خلال هذه الجهود المشتركة يمكن بناء بيئة تربوية واجتماعية قادرة على حماية الشباب من مخاطر التطرف والعنف والمساهمة في بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة
الفريق الدكتور
سعد معن الموسوي
رئيس خلية الإعلام الأمني