بقلم ،،د.عزيز جبرالساعدي
المسرح الحسيني يُعد من أهم أشكال التعبير الفني المرتبط بالقضية الحسينية، وقد شكلت مهرجاناته منصات لإحياء الذكرى بمزيج من الطقوس والشعائر والدراما. لكن السؤال الجوهري: هل نجحت هذه المهرجانات في تحقيق تجانس حقيقي بين الروح (البعد العاطفي/الروحي) والولاء (الوعي والفكر والثقافة)؟ وهل تجاوزت الطابع المحلي نحو أفق عالمي؟
أولاً: نجاحات المهرجانات المسرحية الحسينية.
– استحضار الوجدان الجمعي: ساهمت هذه المهرجانات في ترسيخ ارتباط الجمهور بقضية الإمام الحسين عاطفيًا وروحيًا.
– إحياء التراث: أعادت تسليط الضوء على أحداث كربلاء بلغة مسرحية مؤثرة، تجمع بين المأساة والقيم.
– *صقل مواهب محلية:* ظهرت مواهب في الكتابة والتمثيل والإخراج ضمن هذا الإطار.
ثانياً: التحديات والقصور
– لغة محلية مغلقة: غالبًا ما يكون الخطاب مسيّجًا بثقافة خاصة، يصعب فهمها عالميًا.
– *الافتقار للرؤية الدرامية الحديثة: غلبة الطابع الوعظي على البناء الفني أضعف من جاذبية المسرح عالميًا.
– غياب البنية الإنتاجية الاحترافية: ضعف الدعم التقني، والإخراجي، والسينوغرافي، وعدم استثمار الوسائط الحديثة.
ثالثاً: كيف نؤسس لمسرح حسيني عالمي؟
1. كتابة النص بلغة إنسانية:
– تجاوز الخطاب الطائفي إلى خطاب إنساني عالمي، يبرز مفاهيم مثل مقاومة الظلم، التضحية، – اعتماد الحبكة المسرحية العالمية في البناء، مع شخصيات مركبة وواقعية.
2. الترجمة والعرض في بيئات متنوعة:
– ترجمة النصوص إلى لغات عالمية (الإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية…).
– التعاون مع فرق عالمية لإنتاج عروض مشتركة.
3. الاستفادة من التقنيات الحديثة:
– دمج المسرح بالوسائط الرقمية، والعروض التفاعلية، والمؤثرات الصوتية والبصرية.
4. تدريب الكوادر المسرحية:
– إرسال مخرجين وكتاب وفنانين للتدريب في أكاديميات دولية.
– تأسيس معاهد محلية متخصصة في المسرح الحسيني بمعايير فنية عالمية.
5. خلق هوية بصرية وجمالية معاصرة:
– الاستفادة من رموز كربلاء، دون الوقوع في النمطية أو التكرار.
– دمج الفنون الأخرى مثل الموسيقى والرقص التعبيري ضمن السياق.
المسرح الحسيني يحمل طاقة هائلة إنسانية وفكرية، لكنه بحاجة لإعادة قراءة وتحرير من القوالب التقليدية. التحدي اليوم هو في تحويله من أداء شعائري محدود إلى خطاب ثقافي عالمي، يوصل مظلومية الحسين بلغة الفن التي يفهمها الجميع.
*التكوين الفني المستمر:* تدريب الفنانين محليًا ودوليًا لتطوير أدواتهم التعبيرية والتقنية.
– إنتاج بصري متطور: اعتماد السينوغرافيا، المؤثرات، والموسيقى المعاصرة لإثراء العرض.
المسرح الحسيني يمتلك من الرمزية والثراء القيمي ما يؤهله ليكون أحد أبرز أشكال التعبير الثقافي في العالم. لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا تحرر من طابعه التقليدي، وانفتح على اللغات الجمالية العالمية، دون أن يفقد هويته وعمقه.
د.عزيز جبرالساعدي/ بغداد