بين عزوف الأغلبية وتعبئة الأقلية: هل تعيد الانتخابات المقبلة رسم موازين القرار السياسي في العراق؟

حسين صادق19 سبتمبر 2025آخر تحديث :
بين عزوف الأغلبية وتعبئة الأقلية: هل تعيد الانتخابات المقبلة رسم موازين القرار السياسي في العراق؟
الاغلبية السكانية  ،  والاغلبية الانتخابية
قراءة قانونية ودستورية ونفسية ومستقبلية!!
بين عزوف الأغلبية وتعبئة الأقلية: هل تعيد الانتخابات المقبلة رسم موازين القرار السياسي في العراق؟
مدخل ومقدمة دستورية وقانونية ونفسية  :
المشهد الانتخابي في العراق يدخل مرحلة معقدة، حيث تظهر مؤشرات على عزوف شريحة واسعة من المكوّن الشيعي عن المشاركة رغم كونه الأغلبية السكانية، يقابله تشجيع مفرط وملحوظ للناخبين السنّة على التصويت بكثافة، رغم أنهم أقلية عددياً.
هذه المفارقة تفتح الباب أمام أسئلة دستورية وقانونية وديمقراطية وجوهرية عن مستقبل النظام السياسي، وإمكانية انتقال مركز القرار بعيداً عن المعادلة التقليدية للأغلبية.
أولاً: البُعد النفسي:
 1. الإحباط الجمعي:
لدى قطاعات واسعة من الشيعة شعور بعدم جدوى المشاركة بعد تجارب متكررة من الفساد وسوء الإدارة.
هذا الإحباط {  قد }  يتحول إلى عزوف جماعي.
 2. التعبئة العاطفية:
في المقابل، يُبنى الخطاب الموجّه للسنّة على أساس إحياء الأمل والتمثيل المفقود، ما يدفعهم للمشاركة بقوة لإثبات الحضور.
 3. الهوية والانتماء:
{ الامتناع } عن التصويت لا يعني فقط انسحاباً من العملية السياسية، بل قد يولّد شعوراً بـ”التخلّي عن المصير”، بينما {  المشاركة  }   تمنح الطرف الآخر إحساساً بالفاعلية والتأثير.
ثانياً: البُعد السياسي:
 1. تحوّل الأغلبية إلى أقلية مؤثرة:
الأغلبية التي لا تصوّت تُفرّغ وزنها العددي من مضمونه، فـ”الأغلبية الصامتة” قد تصبح سياسياً أضعف من الأقلية الناشطة.
 2. إعادة توزيع السلطة:
إذا ارتفعت نسب مشاركة السنّة وانخفضت نسب الشيعة، قد تتغير موازين الكتل البرلمانية، ما يفتح الباب أمام تفاوض جديد على رئاسة الوزراء.
 3. شرعية التمثيل:
الحكومة التي ستتشكل قد تُتهم بأنها لا تمثل “الأغلبية السكانية”، لكن عملياً ستستمد شرعيتها من “الأغلبية الانتخابية” أي الأصوات الفعلية.
ثالثاً: البُعد القانوني:
 1. الدستور العراقي ينص على أن الكتلة الأكبر برلمانياً هي التي تشكل الحكومة، لا الأكثرية السكانية.
 2. الامتناع عن التصويت لا يلغي الحق، لكنه يجعل الصوت غير محتسب، وهذا يتيح للأقلية المنظمة أن تتحول إلى أغلبية سياسية.
 3. المشروعية الانتخابية:
قانونياً، من يحصد المقاعد هو الممثل الشرعي، حتى لو كان من أقلية سكانية، طالما أن التصويت جرى وفق قواعد نزيهة ومعتمدة.
استنتاج قانوني ودستوري ونفسي :
 • إذا استمر العزوف الشيعي مقابل التعبئة السنية، قد نكون أمام تحوّل تاريخي في ميزان القرار السياسي.
 • الأغلبية التي لا تمارس حقها قد تتحول إلى “أقلية مقيدة”، فيما الأقلية النشطة قد تصبح “أغلبية مؤثرة”.
 • التحدي الأكبر:
كيف تُدار المرحلة المقبلة إذا أصبحت رئاسة الوزراء بيد أقلية عددية ولكن أكثرية انتخابية؟ هذا سؤال دستوري وقانوني  سيضع العراق أمام معادلة جديدة بين الشرعية الدستورية والشرعية الشعبية.
مستخلص قانوني ودستوري ونفسي :
الانتخابات المقبلة ليست مجرد منافسة انتخابية، بل اختبار لمعادلة العدد مقابل الفعل.
فمن يشارك هو من يصنع القرار، ومن يعزف يُسقط وزنه بيده وهذه هي اللعبة الدستورية والقانونية والنفسية .
سالم حواس الساعدي
مستشار قانوني واعلامي
تخصص دقيق عمليات وحرب نفسية
جامعة بغداد
عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق