اليوتيوب: بين نافذة المعرفة وفخ الإدمان.. هل نحن بحاجة إلى توازن؟

هيئة التحرير28 مايو 2025آخر تحديث :
اليوتيوب: بين نافذة المعرفة وفخ الإدمان.. هل نحن بحاجة إلى توازن؟

بقلم : الدكتور بسام عبد الله الهذال

 

مع تطور التكنولوجيا الرقمية، أصبح اليوتيوب جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، متجاوزًا دوره التقليدي كمنصة ترفيهية ليصبح وسيلة للتعلم والتواصل. لقد فرض وجوده بقوة في مختلف مجالات الحياة، مؤثرًا بشكل مباشر على الأفراد والمجتمعات. غير أن تأثيره يحمل وجهين متباينين: أحدهما إيجابي يفتح آفاق المعرفة والإبداع، والآخر سلبي قد يؤدي إلى مشكلات اجتماعية ونفسية، مما يطرح تساؤلًا: كيف نحقق التوازن للاستفادة من مزاياه وتجنب مخاطره؟

 

أحد أبرز إيجابيات اليوتيوب هو تنوع محتواه التعليمي الذي يُمكّن الأفراد من تطوير مهاراتهم في مجالات متعددة. من خلال الدروس المرئية والدورات المجانية، بات بإمكان الجميع اكتساب المعرفة بسهولة، سواء في تعلم اللغات، البرمجة، أو حتى فنون الطهي والرسم. كما أصبح فضاءً للتعبير عن الذات ومشاركة الأفكار، مما عزز التواصل الثقافي بين الشعوب. إلى جانب ذلك، أسهم في بروز “صناعة المحتوى الرقمي” التي أتاحت فرص عمل جديدة، محولة الإبداع إلى مصدر دخل للكثيرين. كما يُعد مصدرًا للترفيه بفضل ما يقدمه من أفلام وموسيقى وألعاب، مما يجعله وسيلة للاستمتاع وقضاء أوقات الفراغ.

 

لكن رغم هذه الفوائد، فإن الاستخدام المفرط لليوتيوب قد يؤدي إلى الإدمان وإضاعة الوقت، مما يؤثر على الإنتاجية ويضعف العلاقات الاجتماعية. فالمشاهدة المستمرة قد تقلل من التفاعل الواقعي، مما يجعل البعض أكثر انعزالًا. كما أن المحتوى غير المناسب يمثل خطرًا على الأطفال والمراهقين، حيث قد يتعرضون لمقاطع لا تناسب أعمارهم، مما يؤثر على نموهم النفسي والسلوكي. إلى جانب ذلك، يسهم اليوتيوب أحيانًا في نشر معلومات مضللة أو الترويج لأنماط حياة غير صحية، خاصة إذا افتقر المشاهد إلى القدرة على التمييز بين المحتوى الموثوق وغير الموثوق. كما أن السعي وراء الشهرة قد يدفع بعض صناع المحتوى إلى تقديم مواد مثيرة للجدل بغرض جذب المشاهدات، مما قد يؤثر سلبًا على المجتمع.

 

في الختام، يتحدد تأثير اليوتيوب على المجتمع بناءً على طريقة استخدامه. فعندما يُستخدم بوعي واعتدال، يمكن أن يصبح أداة فعالة للتعلم والتطوير الذاتي. أما إذا أُفرط في استخدامه أو تم التعرض لمحتوى غير مناسب، فقد يؤدي إلى نتائج عكسية. ومن هنا تأتي أهمية توعية الأفراد بضرورة اختيار المحتوى بعناية، مع تحديد أوقات الاستخدام، خصوصًا للأطفال والمراهقين. فكما هو الحال مع كل تقدم تقني، يبقى القرار بأيدينا: هل نجعل من اليوتيوب وسيلة لتحقيق التطور والمعرفة، أم نسمح له بأن يتحول إلى مصدر يستهلك وقتنا ويؤثر على حياتنا؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق