المحطة المهمة

حسين صادق25 سبتمبر 2025آخر تحديث :
المحطة المهمة

المحطة المهمة

نور المرشدي

في حياة الشعوب محطات كبرى تقف عندها مسيرة الزمن، ولا يركب قطارها إلا من كان مستعداً، حاملاً بطاقة الثقة الشعبية. والانتخابات البرلمانية في العراق هي إحدى تلك المحطات المفصلية، التي يتجدد حضورها كل بضع سنوات، لتضع الجميع أمام امتحان حقيقي: امتحان الصدق، والبرامج، ووعي الناخبين.

فكل مرة تقف فيها هذه المحطة، يتزاحم المرشحون حاملين صوراً وشعارات ووعوداً، لكن القرار الأخير لا يُمنح إلا للشعب، إذ لا يمضي القطار بغير إرادة ركابه. وهنا تكمن عظمة الديمقراطية، فهي تمنح الصوت لمن لا صوت له، وتتيح التغيير عبر صناديق الاقتراع لا عبر الفوضى والصراع.

الانتخابات ليست إجراءً شكلياً أو موعداً روتينياً، بل هي لحظة فارقة تعيد رسم ملامح البرلمان والسلطة والتشريع والرقابة. ومن خلالها يحدد المواطن أي طريق سيسلك العراق: طريق الإصلاح والتنمية والاستقرار، أم العودة إلى أزمات الصراع والوعود المؤجلة.

لكن هذه المحطة تأتي اليوم محمّلة بتحديات استثنائية؛ فالوضع الاقتصادي صعب، والأمن لا يزال هاجساً، والسياسة ميدان تنافس محتدم. وهنا يتعاظم دور الناخب في غربلة البرامج واختيار من يقدم رؤية واقعية وحلولاً عملية بعيداً عن الدعاية الفارغة. فالمشاركة الواسعة والنزيهة وحدها هي الضمانة لبرلمان يعكس الإرادة الشعبية بحق، لا إرادة القوى المتصارعة.

إنها محطة لا تتكرر كثيراً، ومن يتخلف عنها يفوّت على نفسه فرصة أن يكون جزءاً من صناعة القرار، ويظل متفرجاً على رصيف الانتظار بينما يمضي الوطن بمن اختارهم الشعب. ولهذا فإن المشاركة الواعية ليست مجرد حق، بل هي واجب ومسؤولية وطنية. فكل صوت يُسجل ويُحسب، وكل صوت يصنع فرقاً في تشكيل المستقبل.

ولنكن على يقين أن التغيير يبدأ بخطوة، وأن الطريق نحو الإصلاح تُعبّده أصواتنا الحرة. فالصوت الشعبي هو القوة الحقيقية، وصوت المواطن هو التذكرة التي تفتح أبواب الغد. فلنجعل من هذه المحطة بداية لرحلة جديدة، عنوانها الصدق والأمل والعمل، لا محطة ضائعة تُضاف إلى سجل الانتظار الطويل.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق