بقلم: الدكتور: بسام عبد الله الهذال
الكرم ليس مجرد سلوك، بل قيمة إنسانية رفيعة تنبع من أعماق النفس، متجاوزة حدود العطاء المادي لتشمل البذل في كل صوره، سواء كان مالًا أو وقتًا أو علمًا أو حتى كلمة طيبة. قد يربط البعض مفهوم الكرم بتقديم الطعام للضيف، لكن هذا المعنى ما هو إلا جزء من فضاء أوسع يتضمن التضحية والإيثار في مختلف مجالات الحياة.
ومن الأمثلة التاريخية التي تُجسد روح الكرم ما قام به حاتم الطائي، الذي يُعد رمزًا للسخاء في الثقافة العربية. فعندما جاءه الضيوف ولم يجد ما يُكرمهم به، ضحى بأغلى ما يملك، وهو حصانه، الذي كان يُعد ثروة عظيمة في زمنه. هذا الفعل يُظهر أن جوهر الكرم لا يُقاس بقيمة العطاء، بل بمدى استعداد الإنسان للتضحية من أجل الآخرين.
ولا يقتصر الكرم على المال فقط، بل يُعد الجود بالنفس أعظم درجاته، حيث يُقدم الإنسان روحه فداءً لوطنه أو دفاعًا عن الحق. كما يُعد حسن استقبال الضيف والترحيب به من صور الكرم، فالكلمة الطيبة والبشاشة تترك أثرًا لا يُنسى في نفوس الآخرين.
ومن مظاهر الكرم أيضًا تلبية احتياجات الناس، سواء كانت مادية أو معنوية، فمجرد مد يد العون دون انتظار مقابل يُعزز روح التضامن في المجتمع. كما يُعد نشر العلم والمعرفة من أسمى أشكال الكرم، إذ يُسهم نقل الخبرات وتوجيه طلبة العلم في بناء أجيال واعية قادرة على النهوض بالمجتمع.
في الختام، الكرم لا يُقاس بكمية ما يُعطى، بل بالنية الصادقة والرغبة في إسعاد الآخرين. وكلما ازداد الإنسان كرمًا، ازداد احترام الناس له وارتفعت مكانته بينهم، لأنه يُمثل جوهر الإنسانية الحقيقي.