الفرق بين الإنجاز الحكومي والواجب : قراءة نفسية وقانونية وقضائية في الواقع العراقي

حسين صادق15 سبتمبر 2025آخر تحديث :
الفرق بين الإنجاز الحكومي والواجب : قراءة نفسية وقانونية وقضائية في الواقع العراقي

الفرق بين الإنجاز الحكومي والواجب : قراءة نفسية وقانونية وقضائية في الواقع العراقي

 

يلاحظ في العديد من الدول النامية، خصوصاً في العراق، خلط واضح بين الإنجاز الحكومي والواجب.

هذا الخلط لا يقتصر على الخطاب السياسي، بل يمتد إلى الإعلام والمجتمع المدني أحياناً، مما يخلق تدليساً سياسياً وقانونياً حول ما يُقدَّم من خدمات أو ما يُعتبر إنجازاً حقيقياً.

 

من الناحية النفسية، يؤثر هذا الخلط على المواطن من حيث الثقة بالسلطة، والشعور بالمسؤولية المجتمعية، والتحفيز على المشاركة المدنية، فالمواطن الذي يظن أن واجبات الدولة هي إنجازات، قد يرضى بأقل مما يستحقه، ويصبح متقبلًا لفكرة الخدمات الترقيعية والنواقص.

 

الجانب النفسي:

1. تأثير الخلط بين الواجب والإنجاز على الثقة المجتمعية:

• المواطن يتوقع أن الحكومة تقوم بواجباتها الأساسية مثل الصحة والتعليم والخدمات الأساسية.

• عندما يُعلن عن هذه الخدمات كإنجازات، ينشأ شعور بالاحتكار الإعلامي للحقائق، ويزداد الإحباط عند اكتشاف النواقص.

2. الإحساس بالغبن والغباء المؤسسي:

• التسويق السياسي للواجبات كإنجازات يؤدي إلى شعور عام بعدم العدالة أو الالتزام المجتمعي، ويخلق عقدة ثقة بين الدولة والمجتمع.

 

الجانب القانوني:

1. الواجبات القانونية للدولة:

• وفق الدستور العراقي، على الدولة ضمان الحقوق الأساسية للمواطنين: الصحة، التعليم، الضمان الاجتماعي، المياه، والكهرباء.

• هذه الحقوق ليست منجزات يمكن التفاخر بها، بل التزامات قانونية يجب تنفيذها دون انتظار التقدير العام.

2. تحويل الواجب إلى إنجاز: تدليس قانوني:

• وصف الخدمات الترقيعية أو المشاريع الجزئية بأنها إنجازات يُعد انتحالاً لمفهوم الإنجاز القانوني.

• هذا التوصيف يمكن أن يؤدي إلى مساءلة قضائية إذا استُخدم للتغطية على تقصير الدولة أو تضليل المجتمع.

 

الجانب القضائي:

1. المحاسبة على الواجبات غير المنجزة:

• يمكن للمواطنين أو المؤسسات القانونية رفع دعاوى ضد الدولة بسبب إخفاقها في أداء الواجبات الأساسية.

• القضاء يدعم مبدأ الحق في الخدمات الأساسية ويعتبر أي تلاعب في توصيف الواجب كإنجاز محاولة لتجنب المساءلة القانونية.

2. ترقيعات مقابل إنجاز حقيقي:

• الخدمات الجزئية أو المشاريع غير المكتملة تُعتبر ترقيعات قانونية مؤقتة، ولا يمكن تسميتها إنجازاً.

• إنجاز حقيقي هو ما يضمن الحقوق الأساسية لكل المواطنين بشكل مستدام، مثل نظام صحي شامل، تعليم متكافئ، وبنية تحتية مستمرة.

 

الجانب الحكومي والإداري:

 

1. الواجب مقابل الإنجاز:

• الواجب: {ما يجب } على الحكومة القيام به وفق القانون والدستور دون مدح أو تقدير مقابل الرواتب والمميزات والخدمات والجوازات والايفادات والمنتفعات .

• الإنجاز: {ما يتجاوز الواجب} ، مثل مشاريع تطويرية أو ابتكارات تضيف قيمة ملموسة على حياة المواطنين فوق الرفاهية.

 

2. الوضع العراقي:

• منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، لم تتحقق أي خدمة شاملة أو إنجاز حقيقي يضمن الحقوق الأساسية للمواطنين.

• معظم ما يُقدم هو خدمات ناقصة أو ترقيعات مؤقتة، وغالباً ما يتم التسويق لها كإنجازات سياسية.

• هذه الممارسة تؤثر على فعالية الإدارة العامة، وتضع العراق في مرتبة متأخرة مقارنة بالدول المتقدمة.

 

المستخلص القانوني والنفسي والحكومي :

 

التمييز بين { الواجب ، والإنجاز } أمر حيوي لتقييم أداء الحكومات، وحماية حقوق المواطنين، وتعزيز الثقة المجتمعية.

في العراق، تسويق الواجبات الأساسية كإنجازات يمثل تدليساً سياسياً وقانونياً ويقلل من القدرة على مساءلة الحكومة قضائياً.

 

الإنجاز الحقيقي يتحقق فقط عند:

• ضمان كل الواجبات الأساسية: الصحة، التعليم، الضمان الاجتماعي.

• تنفيذها بطريقة مستدامة وشاملة.

• تحقيق معايير العدالة والكفاءة مقارنة بالدول المتقدمة.

 

سالم حواس الساعدي

مستشار قانوني واعلامي

تخصص دقيق عمليات نفسية

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق