
د. حسن جمعة
في تطور لافت على الساحة السياسية العراقية تتجه الأنظار نحو مبادرة برلمانية جديدة تستهدف حسم ملف خور عبد الله، الذي يمثل نقطة خلاف حساسة ومصدر قلق مستمر بشأن السيادة الوطنية.. فقد تقدم النائب مرتضى الساعدي، بصفته رئيسًا لتحالف دعم الدولة ونائبًا لرئيس كتلة الإعمار والتنمية النيابية، بطلب رسمي إلى رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة خاصة تهدف إلى التصويت على إلغاء اتفاقية خور عبد الله لعام 2012 هذه الخطوة، التي تحمل توقيع عدد من النواب لا تقتصر على كونها إجراءً روتينيًا، بل هي تعبير عن إرادة سياسية حقيقية تهدف إلى تصحيح مسار طالما اعتُبر فيه تهاونًا بشأن حقوق العراق البحرية. فبعد قرار المحكمة الاتحادية العليا في عام 2023، الذي قضى بإيقاف العمل بالاتفاقية، يأتي هذا التحرك النيابي ليكمل المشهد، محولًا القرار القضائي إلى إجراء تشريعي نهائي.
إن إيقاف الاتفاقية كان بمثابة خطوة أولى، لكن إلغاءها بشكل تام هو الهدف الأسمى الذي يضمن عدم عودتها أو تجديدها مستقبلًا.. هذا الإلغاء سيعزز من موقف العراق القانوني والسياسي، ويؤكد على قدرته على حماية مصالحه الحيوية، خاصة وأن هذه المنطقة البحرية تعد ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة.
المطالبة بجلسة خاصة تعكس حجم الجدية والوعي الذي بات يسيطر على جزء من النخب السياسية العراقية تجاه ملفات السيادة.. إنها دعوة صريحة للبرلمان ليأخذ دوره الحقيقي كحارس للمصالح الوطنية، وليثبت للشعب أن قراراته تتخذ في سبيل صون حقوق العراق وسيادته البحرية، بعيدًا عن أي ضغوط أو مصالح أخرى.في النهاية، يضع هذا التحرك النواب أمام مسؤولية تاريخية.. فالتصويت على إلغاء الاتفاقية لن يكون مجرد قرار، بل هو إعلان صريح بأن العراق لن يتنازل عن أي شبر من أراضيه أو مياهه، وأن سيادته خط أحمر لا يمكن تجاوزه.