بقلم (( عزيز جبر الساعدي))
هو ليس مجرد (فتى) من مدينة الناصرية، بل ذاكرة حارة، وسحنة طيبة، وجمالٌ لا يُختصر بالملامح بل يتجسد في الروح. ذاك * الأسمر*، بوسامته الهادئة وبطوله اللافت، يخطو بين الناس بخطى الواثق، فيترك أثراً يشبه العطر الباقي في الذاكرة. رغم كبر عمره
إذا ما التقيته للمرة الأولى، تشعر وكأنك تعرفه منذ زمن طويل. هو من أولئك القلائل الذين يُشعرونك بالألفة دون مقدمات، ويزرعون الثقة في القلب بلا مقدمات طويلة. في ملامحه شيء من الطفولة، وفي صوته دفء الجنوب، وفي كلماته صدق المدينة التي أنجبته.
كبيرٌ في سنه ربما، لكنه شابٌ في روحه واهتمامه ونظرته للحياة. يقدّس العلاقات، ويحترم الموهبة، ويُحب الحياة بما فيها من تعب وفرح. ترى فيه مزيجاً نادراً من الشغف والبساطة، من التواضع والنبل، من الذكاء الفطري وحنين الذكريات.
إنه باختصار… ابن الناصرية الجميل، الفنان الناقد جبار وناس.
في مشهدٍ ثقافيٍّ يضجُّ بالتحديات، يبرزُ اسمُ *جبار وناس* كأحدِ الأصواتِ النقديةِ البارزةِ في العراق، يُسهمُ بفاعليةٍ في إثراءِ الحركةِ المسرحيةِ والثقافيةِ.
*حضورٌ نقديٌّ فاعلٌ
يُشاركُ جبار وناس بانتظامٍ في الفعالياتِ المسرحيةِ والثقافيةِ، حيثُ يُقدِّمُ رؤىً نقديةً تُسهمُ في تطويرِ المشهدِ الفنيِّ. ففي مقالٍ له عن مسرحيةِ “شالوم”، يُحلِّلُ وناس عناصرَ العرضِ، مُشيرًا إلى أهميةِ التلاقحِ بين الخبرةِ والتجربةِ في صناعةِ المسرحِ، ومُبرزًا دورَ المخرجِ ياسر عبدالصاحب البراك في تقديمِ عرضٍ يُجسِّدُ الاحتجاجَ والرفضَ من خلالِ فضاءاتٍ مفتوحةٍ [ مقال منشور1] .
*قلقٌ خلاقٌ
يُعبِّرُ وناس عن قلقِه الوجوديِّ من خلالِ كتاباتِه، :أستهوتني مقاطع على صفحة الفنان جبار وناس وهو يقول::
> “قلقُنا صارَ يأكلُه قلق
> وما بين القَلَقَيْنِ
> ثمة امتدادٌ عصيٌّ على التريث
> فليس من شفاعةٍ تُلوِّحُ في الأفق…”
هذا القلقُ يُمثِّلُ دافعًا لإنتاجِ رؤىً نقديةٍ تُحاكي الواقعَ وتُسهمُ في فهمِ تعقيداتِه.
*نقدٌ يُحفِّزُ التغييرَ
لا يكتفي وناس بتقديمِ النقدِ، بل يسعى إلى تحفيزِ التغييرِ من خلالِ تسليطِ الضوءِ على القضايا الجوهريةِ في المسرحِ العراقيِّ. ففي مقالٍ له عن مسرحيةِ “بيت أبو عبدالله”، يُناقشُ وناس كيفيةَ استدعاءِ الذاكرةِ الجماعيةِ من خلالِ العرضِ المسرحيِّ، مُبرزًا أهميةَ التفاعلِ بين الجمهورِ والمسرحِ
يُعدُّ جبار وناس ناقدًا يُسهمُ بفاعليةٍ في إثراءِ المشهدِ المسرحيِّ والثقافيِّ في العراقِ، من خلالِ رؤاهُ النقديةِ العميقةِ وقلقِه الخلاقِ الذي يُحفِّزُ التغييرَ ويُسهمُ في تطويرِ الفنونِ.
تحية للناقد المتنور
القادم من الناصرية: ليكون رقما مميزا في ثقافة النقد