الإمام الحسين ومفهوم الإصلاح الجذري الإمام قراءة في أبعاد الثورة

هيئة التحرير29 يونيو 2025آخر تحديث :
الإمام الحسين ومفهوم الإصلاح الجذري الإمام قراءة في أبعاد الثورة
حيدر كاطع

 

لم تكن ثورة الإمام الحسين بن علي (ع) مجرد حدث مأساوي عبر التاريخ بل كانت ولا تزال مشروعًا إصلاحيًا متكاملًا حمل في جوهره رؤية جذرية لتغيير الواقع المنحرف وإعادة توجيه بوصلة الأمة نحو قيم العدل والحرية والكرامة ، لقد كانت كربلاء لحظة وعي وليست فقط ساحة دماء حيث اجتمع فيها الإيمان بالحق مع الاستعداد الكامل للتضحية من أجله ، وكانت رسالة الحسين صريحة حينما قال (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) واللافت في مشروع الإمام الحسين أن دوافعه لم تكن متمردة أو نفعية بل كانت أخلاقية وإنسانية بأمتياز لأنه يخرج طلبًا للسلطة أو سعياً وراء الغلبة بل خرج حين سكتت الألسن عن قول الحق وانقلب ميزان الأمة وصار الباطل يروج له على أنه دين، وأصبح الفساد ممتداً في بنيتها السياسية والدينية والاجتماعية ، فلقد شعر الحسين أن الصمت في تلك اللحظة خيانة للرسالة وأن الإصلاح بات فرضًا لا خيارًا ، كما أن فلسفة الإصلاح الحسيني لم تكن سطحية أو جزئية، بل كانت تنطلق من الجذر الحسين لم يسع إلى تغيير حاكم فاسد فقط بل أراد إعادة بناء الوعي الجمعي واستعادة روح الرسالة التي تم تحريفها كان يعرف أن العدل لا يتحقق بتغيير الأشخاص فقط بل بتغيير البنية التي أنتجت أولئك الأشخاص لذلك كانت ثورته موجهة إلى الضمير إلى الناس إلى التاريخ ، لقد حمل الحسين مشروعًا متكاملاً في خطبته حين قال( ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه) فالمشكلة لم تكن فقط في يزيد بل في مجتمع ارتضى الصمت وقيادات دينية تواطأت وقيم انحرفت من هنا نلمس أن مفهوم الإصلاح عنده لم يكن رد فعل مؤقت بل نهجآ طويل الأمد ، وهنا 

هنا تكمن المفارقة الكبرى في مشروع الإمام الحسين أنه آمن بأن الإصلاح الحقيقي يحتاج أحيانًا إلى صدمة كبرى توقظ الأمة فاختار طريق الدم لا لأنه أراد الموت بل لأنه رأى في الشهادة وسيلة لزرع الحياة كربلاء لم تكن انتحارًا بل تضحية محسوبة لهدف أكبر أن لا تموت القيم ، أن أعظم إصلاح أن تعيد للناس ثقتهم بالحقيقة وهذا ما فعله الحسين أعاد تعريف البطولة بأن تكون صادقًا مع نفسك ومع مبادئك حتى لو وقفت وحيدًا من أجل هذا كانت دماء كربلاء شجرة زرعت في أعماق الوجدان البشري وثمارها ما نراه من وعي متجدد في كل عصر ، فالاصلاح عنده ( ع) ليس زمنًا مغلقاً بل مشروعًا مفتوحًا يواكب الإنسان في كل عصر فلكل زمان (يزيده) ولكل واقع مظلوميه ولكل مجتمع معركته بين الانحراف والاستقامة ، ولذلك فإن من يقرأ كربلاء بوصفها مناسبة دينية فحسب يفوت جوهرها الحقيقي

الحسين نداء ومن يلبي النداء يكون إصلاحيًا في مدرسته لا يقبل بالذل ولا يسكت عن الانحراف ويؤمن أن الدم إذا امتزج بالحق صار طريقآ للنجاة إن فلسفة الحسين في الإصلاح لا تزال صالحة بل هي اليوم أكثر إلحاحآ في عالم تهيمن فيه الأنظمة وتكمم فيه الأفواه ويبدل فيه الحق بالهوى ، والحسين ( ع) لم يكن مجرد شهيد بل كان حامل مشروع نهضوي عظيم امتلك من الوعي والجرأة ما جعله يواجه أعتى الأنظمة دون تردد كان إصلاحه جذريآ لأنه أراد أن يعيد بناء الإنسان لا فقط تصحيح خطأ طارئ ولذلك فإن كل من يسير على درب الإصلاح اليوم لا بد أن ينهل من منبع الحسين ذلك الذي تحول من رجل على صهوة جواد إلى رمز خالد في ضمير كل الأحرار.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق