قانون اللجنة الأولمبية الجديد: قراءة وسقوط صلاحيات الحل والتعيين
جمال الاسدي
تمثل الأندية الرياضية ركيزة أساسية في البنية المؤسسية للحركة الرياضية في العراق، وقد نظمها المشرّع العراقي بموجب قانون الأندية الرياضية رقم (18) لسنة 1986 المعدل، والذي منح اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية آنذاك صلاحيات واسعة، شملت الإشراف والرقابة وتشكيل الهيئات الإدارية المؤقتة، خصوصًا في ظل غياب وزارة مختصة بشؤون الشباب والرياضة آنذاك.
إلا أن المشهد التشريعي تغيّر جذريًا بصدور قانون اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية رقم (29) لسنة 2019، الذي أعاد تعريف طبيعة اللجنة وصلاحياتها ضمن إطار الاستقلال الأولمبي، وألغى – صراحة – كل نص يتعارض معه. ما يعني عمليًا سقوط الصلاحيات السابقة الممنوحة للجنة في القوانين الأقدم، ومنها التدخل في شؤون الأندية أو تشكيل إداراتها.
أولًا: الإطار الزمني والتشريعي للصلاحيات
خلال العقود الماضية، كانت اللجنة الأولمبية تقوم مقام الجهة التنفيذية للدولة في القطاع الرياضي، نظرًا لعدم وجود وزارة للشباب والرياضة. وفي هذا السياق، منحها قانون الأندية المعدل سنة 1988 صلاحية توجيه إنذارات للأندية، بل وحلّ هيئاتها الإدارية وتعيين هيئات مؤقتة، بموجب المادة (14 )
لكن هذه الصلاحيات وُضعت في ظل فراغ مؤسسي باعتبار ان اللجنة الاولمبية انذاك تقوم مقام وزارة الشباب والرياضة ، ولأغراض مرحلية، ولم تكن دائمة بطبيعتها.
ثانيًا: تشكيل وزارة الشباب وتغير التكييف الدستوري
بتأسيس وزارة الشباب والرياضة وتفعيل قانونها رقم (25) لسنة 2011، أصبحت الوزارة هي الجهة الحكومية الرسمية التي تمارس الصلاحيات التنفيذية في مجال الإشراف على الأندية، ودعمها وتمويلها ومتابعة نشاطها وتنظيم انتخابات هيئاتها العامة، في إطار خضوع الأندية لأحكام القانون الإداري والرقابة المالية الحكومية.
بذلك، انتقلت الولاية العامة على القطاع الرياضي من اللجنة الأولمبية – بوصفها جهة غير حكومية – إلى وزارة الشباب بوصفها وزارة سيادية قائمة على مبدأ الرقابة والمسؤولية التنفيذية.
ثالثًا: صدور قانون اللجنة الأولمبية لسنة 2019 وإلغاء النصوص السابقة
بتاريخ 9/12/2019، نُشر في الجريدة الرسمية قانون اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية رقم (29) لسنة 2019، الذي نظم على نحو شامل:
• أهداف اللجنة.
• هيكليتها.
• علاقتها بالحركة الأولمبية الدولية.
• طبيعتها كمنظمة غير حكومية مستقلة وغير ربحية.
وقد نص هذا القانون في المادة الأخيرة منه على ما يلي:
“يُلغى أي نص قانوني أو تنظيمي يتعارض مع أحكام هذا القانون.”
وبذلك، يكون المشرّع قد نسخ ضمناً كافة الصلاحيات التي كانت ممنوحة للجنة الأولمبية في قوانين سابقة، ومنها قانون الأندية، إذا لم يتم تضمينها في القانون الجديد.
ولأن قانون اللجنة الجديد لم ينص إطلاقًا على صلاحية اللجنة في حل الهيئات الإدارية للأندية أو تشكيل إدارات مؤقتة، فإن هذه الصلاحية تكون قد زالت قانونًا، وأي ممارسة لها بعد تاريخ نشر القانون تُعد تجاوزًا للسلطة.
رابعًا: موقف لجنة الشباب والرياضة النيابية
في عدد من المخاطبات الرسمية الصادرة خلال عام 2025 أكدت لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب:
• أن اللجنة الأولمبية لا تمتلك صلاحية تشكيل هيئات إدارية للأندية.
• وأن هذه الصلاحية تعود إلى وزارة الشباب والرياضة والهيئة العامة للنادي فقط.
• وأن استمرار اللجنة بممارسة هذه الصلاحية يُعد مخالفة دستورية واغتصابًا لاختصاص الجهة التنفيذية.
وهذا التفسير البرلماني يُعد سياقاً ملزمًا بوصفه صادرًا عن السلطة التشريعية الرقابية.
خامسًا: الأثر القانوني والعملي
بناءً على ما تقدم، فإن أي قرار يصدر عن اللجنة الأولمبية بعد 2019 يتضمن:
• حل هيئة إدارية لنادٍ رياضي.
• تعيين هيئة مؤقتة دون قرار من الجمعية العامة أو حكم قضائي.
• التدخل في ترتيبات انتخابية أو تشكيلية دون تفويض من الوزارة أو الهيئة العامة.
يُعد باطلًا من الناحية القانونية، وقابلًا للطعن أمام المحاكم الإدارية والهيئات الرياضية الدولية (مثل محكمة CAS)، لأنه:
1. صادر عن جهة غير ذات اختصاص قانوني.
2. مخالف لقانون لاحق وناسخ (قانون اللجنة الأولمبية لسنة 2019).
3. مخالف لقانون وزارة الشباب والرياضة وللمبدأ الدستوري في تسلسل السلطة التنفيذية.
في الختام نود ان
في ظل ماشهده النظام الرياضي العراقي من تطورات مؤسسية وتشريعية جوهرية، تستوجب إعادة ضبط العلاقة بين اللجنة الأولمبية الوطنية والأندية الرياضية، بما ينسجم مع الدستور والقوانين الحديثة.
وعليه، فإننا نرى الاتي :
1. وقف ممارسة اللجنة الأولمبية لأي صلاحيات تتعلق بالأندية لا ينص عليها قانونها الصادر سنة 2019.
2. تعديل قانون الأندية الرياضية بما يتلاءم مع الوضع المؤسسي القائم ووجود وزارة الشباب.
3. إحالة أي نزاع تنظيمي داخل الأندية إلى وزارة الشباب والرياضة أو الجهات القضائية المختصة.
4. التأكيد على استقلالية اللجنة الأولمبية كمؤسسة أولمبية غير حكومية معنية بالاتحادات المرتبطة بالحركة الأولمبية فقط، دون التدخل في إدارة الأندية.
5- بالامكان للمتضرر بالطعن في دستورية قانون الاندية الرياضية رقم (18) لسنة 1986 المعدل والذي يخالف في العديد من نصوصه الدستور العراقي .
جمال الاسدي