قراءة في قصيدة العائلة،، الشاعر عمر السراي

هيئة التحرير9 أغسطس 2025آخر تحديث :
قراءة في قصيدة العائلة،، الشاعر عمر السراي

 

بقلم : عزيز جبر الساعدي

 

يبدو ان قصائد العائلة قد نضجت عند الكثير من شعرائنا الشباب بلغة شفيفة ومبهرة ،فكما قرأنا للشاعر عارف الساعدي ،شيء عن قصيدة العائلة،اليوم نتناول الشاعر المبدع المحمل بالاحساس المرهف عمر السراي ودعائه وتوسله الى الله ان يرعى ولده معتز..

 

في قصيدته “العائلة”، يقدّم الشاعر عمر السراي نصًا شعريًا يمزج بين العاطفة العميقة والتأمل الفلسفي، حيث يُظهر الشاعر مشاعر الأبوة والحنان من خلال توسلٍ صادق إلى الله، طالبًا أن يتحمّل هو آلام ابنه بدلاً عنه.

 

يبدأ السراي قصيدته بالدعاء:

 

> “يا رب..

> دعْهُ يقع كما يشاء

> شرط أن تكونَ كسورُهُ في عظامي”

 

هنا، يُظهر الشاعر استعدادًا لتحمّل الألم الجسدي نيابةً عن ابنه، في تعبيرٍ عن الحب الأبوي العميق. ويستمر في هذا النهج، متمنيًا أن تكون آلام ابنه في جسده هو، وأن يموت بدلاً عنه، مما يُبرز التضحية المطلقة التي يمكن أن يقدمها الأب من أجل ابنه.

 

ثم ينتقل السراي إلى تساؤلٍ فلسفي:

 

> “يا رب..

> هل من الضروري أن تدعَهُ؟!

> وهل من الضروري أن أشترط؟”

 

في هذه الأبيات، يُظهر الشاعر وعيه بأن الحياة لا تسير دائمًا وفقًا لرغباتنا، وأن هناك حدودًا لما يمكن أن نطلبه أو نشترطه. ويختتم القصيدة بتوسلٍ إلى الله أن يعامل ابنه برفقٍ وحنان، كما يُعامل “جوريةً قطرةُ ندى”

 

نعم، قصيدة عمر السراي تُجسد حوارًا شفيفًا مع الله، تفيض بالمحبة والرجاء، حيث يطلب الشاعر من الله أن يصبّ كل ألم وخطر على جسده بدلًا من جسد ابنه.

 

هو لا يدعو فقط بالحماية، بل يفاوض الخالق بنوع من المحبة المطلقة التي لا تضع حدودًا للتضحية. يُناجي الله:

 

**”دعْهُ يقع كما يشاء

شرط أن تكونَ كسورُهُ في عظامي”**

 

هذا الدعاء لا ينبع من ضعف، بل من أبوةٍ كاملة، تستسلم بحنانها للقدر بشرط أن يُرفق الله بابنه.

 

وفي النهاية، حين يقول:

 

**”فهو ابنُك

قبل أن تسمحَ لي بأن أكون أباً”**

 

يُذكّر بأن هذا الابن أمانة إلهية، فيطلب من الله أن يعامله بعطفه الإلهي، كما يُعامل الجورية المبلّلة بندى الرحمة.

هذا النص يخرج من قلب أب، لكنه يليق بأن يُعلّق في قلب كل قارئ.

عمر السراي في هذه القصيدة يكشف هواجسه الأعمق: هاجس الفقد، وقلق الأبوة، وخوف الحب الكبير من أن يُبتلى. لا يتحدث كشاعر فقط، بل كأب يرى في الابن امتدادًا لروحه وجسده، وكلما لمح ظلّ الألم يقترب، أراد أن يكون هو الفداء.

هاجسه ليس فقط في أن يُصاب ولده، بل في أن يخذله هو كأب. لذا يناجي الله، ليس بيقين القوة، بل برجفة المحبة. يتمنى أن يكون الألم من نصيبه، لا لأن جسده أقوى، بل لأن قلبه لا يحتمل وجع الابن.

هواجس السراي هنا ليست فردية، بل تمثّل شعورًا إنسانيًا نقيًا يُشبه صلاة خافتة تُقال قبل النوم، حين يكون الحب أكبر من الأمان، والقلق أقرب من الطمأنينة.في قصيدة “العائلة”، يُقدّم الشاعر عمر السراي مشهدًا شعريًا عميقًا يتناول فيه هواجس الأبوة والقلق الوجودي المرتبط بحماية الأبناء. من خلال مناجاة صادقة مع الله، يُعبّر السراي عن رغبته في تحمّل آلام ابنه بدلاً عنه، متمنيًا أن تكون كل معاناة الابن من نصيبه هو.

هذه القصيدة تُظهر هاجس الشاعر العميق تجاه الفقد والقلق من المستقبل، حيث يُجسّد الحب الأبوي في أسمى صوره، متمنيًا أن يكون هو الدرع الذي يقي ابنه من كل سوء. يُظهر السراي في هذه الأبيات استعدادًا للتضحية المطلقة، متوسلاً إلى الله أن يُعامل ابنه برفق وحنان،

 

في “العائلة”، يُظهر السراي قدرته على التعبير عن المشاعر الإنسانية العميقة بلغةٍ بسيطة ومؤثرة، مما يجعل القصيدة تلامس قلوب القرّاء وتُعبّر عن تجاربهم الشخصية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل ...

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق